الوسواس القهري

هو حالة تصاحبها أفكار ومشاعر متكررة وغير مرغوب فيها، تدفعك إلى القيام بأفعال قهرية تكررها بشكل متواتر، ويمكن أن تتداخل هذه الأفعال المتكررة بشكل كبير مع حياتك الاجتماعية وأداء مهامك اليومية، وفي الآتي عرض لبعض الاستراتيجيات المساعدة في تجاوز والتعامل مع الوسواس القهري وما هو العلاج المناسب له:


كيف أعتني بنفسي إذا كنت مصاباً بالوسواس القهري؟

عندما يبدأ الوسواس القهري في التسلل إلى حياتنا، يمكن أن يكون تأثيره مُرهقًا ومثيرًا للقلق، حيث يفكر الشخص بأفكار مُكررة وغير مُرغوب فيها، وقد يدفع إلى تنفيذ سلوكيات قهرية تتطلب الكثير من الوقت والجهد. ولكن الأمور ليست بالضرورة محكومة بهذا الشكل، ففي الآتي بعض الاستراتيجيات التي ستساعدك للتعامل مع الوسواس القهري:[١]


1: التعرف على المحفزات التي تثير الوساوس

لإدارة أعراض اضطراب الوسواس القهري بفعالية، ينبغي البدء بخطوة أولى تتمثل في تحديد المحفزات المثيرة للوساوس والأفعال القهرية، لذا، يُفضل أن تقوم بإنشاء قائمة تضم تلك المحفزات التي تواجهها يوميًا والأفكار التي تثيرها، يمكنك أيضًا تقدير مدى شدة القلق أو الخوف الذي تشعر به في كل موقف، وما هي الاستراتيجيات التي تستخدمها للتعامل معه.


يتيح تتبع المحفزات إلى توقع دوافعك القهرية قبل أن تظهر، مما يمكنك من تحديها والتعامل معها بشكل أفضل، على سبيل المثال، إذا كان سلوكك القهري يشمل التحقق المتكرر من إغلاق الأبواب أو النوافذ أو إيقاف تشغيل الأجهزة، فقط جرب قفل الباب أو إيقاف تشغيل الجهاز مع التركيز الشديد في المرة الأولى، ومن الأمور التي ستساعدك أن تكوّن صورة ذهنية قوية تتعلق بالمحفزات وتتعقبها بملاحظة ذهنية إيجابية، على سبيل المثال، قد تقول لنفسك: "النافذة مغلقة الآن" أو "أستطيع رؤية أن الفرن مغلق"، هذا قد يساعدك على إعادة تصنيف هذه الأفكار، وباستمرار تحديد وتسجيل المحفزات الخاصة بك، ستمنح نفسك أداة مهمة لتعلم كيفية التصدي لدوافع الوسواس القهري بفعالية.


2: التعرض إلى تلك المحفزات

قد يكون التعامل مع أكبر مخاوفك بشكل مباشر أمرًا مرهقاً للغاية، لذا ابدأ بمواجهة مخاوفك البسيطة ثم تدرج بالصعود لتصل إلى أكبر مخاوفك، ابدأ بالخطوة الأولى، ولا تنتقل إلى الخطوة التي تليها حتى تشعر بالراحة عند القيام بخطوتك، وكلما عرضت نفسك لمحفزات الوسواس القهري لفترة أطول، كلما اعتدت عليها وقل شعورك بالقلق عندما تواجهها في المرات القادمة، وبمجرد قيامك بخطوة ما في عدة مناسبات منفصلة دون الشعور بالكثير من القلق، يمكنك الانتقال إلى الخطوة التالية، وفي حال كانت الخطوة صعبة للغاية، قم بتقسيمها إلى خطوات أصغر أو تحرك بشكل أبطأ.


بينما تقاوم أفعالك القهرية، ركز على مشاعر القلق. بدلًا من محاولة تشتيت انتباهك، نعم اسمح لنفسك أن تشعر بالقلق، وستدرك بعدها بأنك لن تفقد السيطرة أو تصاب بالانهيار.


3: الحصول على الدعم

يمكن لاضطراب الوسواس القهري أن يزداد سوءًا عندما تشعر بالعزلة، وعليه فيُعتبر بناء نظام دعم قوي أمرًا هامًا، إذ إن زيادة ارتباطك بالآخرين يمكن أن يخفف من شعورك بالضعف، ببساطة، الحديث مع شخص يفهم مخاوفك ورغباتك يمكن أن يجعل الوضع أفضل حالاً، لذا احرص على البقاء على اتصال مع أفراد عائلتك وأصدقائك وتحدث معهم مباشرة عن مخاوفك ورغباتك.

كما يمكنك الانضمام إلى مجموعة دعم لمعالجة الوسواس القهري، لا تكن وحيدًا في مكافحة الوسواس القهري، فهناك آخرون يشاركونك نفس التحدي، فالمشاركة في مجموعة دعم يمكن أن يكون لها أثر كبير، إنها بمثابة تذكير بأنك لست وحدك في معركتك، علماً أنّ مجموعات دعم الوسواس القهري تساعدك على مشاركة تجاربك الشخصية والاستفادة من تجارب الآخرين الذين يواجهون تحديات مماثلة.


4: تقليل الشعور بالتوتر

بالرغم من أن التوتر ليس سبباً مباشراً لاضطراب الوسواس القهري، إلا أنه يمكن أن يزيد من ظهور الأعراض أو تفاقمها، وعليه فتعتبر التمارين البدنية والتفاعل الاجتماعي من أكثر الوسائل الفعالة لتهدئة الجهاز العصبي، بالإضافة إلى ذلك، يمكنك تهدئة نفسك وتخفيف أعراض القلق بالاستماع إلى الموسيقى المفضلة، أو شرب شاي دافئ مع صديقك، أو حتى اللعب مع حيوان أليف، وفي هذا السياق يشار إلى أهمية ممارسة تقنيات الاسترخاء، حيث يمكن للتأمل الواعي واليوغا والتنفس العميق وأساليب الاسترخاء الأخرى أن تساعد في تقليل مستويات التوتر والقلق بشكل عام.


5: صنع تغييرات في نمط حياتك

يلعب النمط الصحي والمتوازن للحياة دورًا كبيرًا في تخفيف القلق والتغلب على دوافع ومخاوف الوسواس القهري، وعليه فيمكنك:

  • ممارسة الرياضة بانتظام: التمرين هو علاج طبيعي وفعال للقلق، حيث يساعدك على التحكم في أعراض الوسواس القهري من خلال إعادة توجيه انتباهك عند ظهور الأفكار الوسواسية والسلوكيات القهرية، ولتحقيق الاستفادة القصوى، يمكنك ممارسة التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة على الأقل، وإذا كانت هذه الفترة طويلة أو صعبة، فيمكنك تقسيم هذه الفترة إلى فترات أقصر خلال اليوم.
  • الحصول على نوم جيد: قلة النوم لا تؤثر فقط على النواحي البدنية والعقلية، بل يمكن أن تزيد من أعراض القلق والوسواس القهري، حاول الحصول على قسط كاف من النوم، حيث يلعب النوم الجيد دورًا مهمًا في الحفاظ على توازنك العاطفي.
  • تجنب التدخين: إذ إنّ النيكوتين يعمل كمنبه قوي ويمكن أن يزيد من مستويات القلق والوسواس القهري.


6: استشارة مختص في العلاج النفسي

العلاج النفسي، والمشار إليه أيضًا بالعلاج بالحديث، هو مصطلح يشمل مجموعة متنوعة من تقنيات العلاج التي تهدف إلى مساعدتك في تحديد وتغيير المشاعر والأفكار والسلوكيات غير الصحية، تتم هذه العملية بالتعاون مع مقدمي الصحة النفسية، مثل الأطباء النفسانيين، وهناك عدة أنماط من العلاج النفسي، ومن أبرزها وأكثرها فعالية في علاج اضطراب الوسواس القهري ما يلي:[٢]


  • العلاج السلوكي المعرفي (CBT): سيساعدك المعالج في فحص أفكارك وعواطفك وفهمها بعمق، ويهدف العلاج السلوكي المعرفي إلى تغيير الأفكار وإيقاف العادات السلبية، وفي بعض الأحيان قد يتعين استبدالها بسلوكيات صحية للتعامل معها.
  • التعرض ومنع الاستجابة (ERP): يُعتبر ERP نوعًا ضمن العلاج السلوكي المعرفي، وخلال هذا العلاج، سيتم تعريضك لمواقف أو مشاهد محورية قد تثير القلق لديك، وسيُطلب منك منع الاستجابة القهرية لها، على سبيل المثال، يمكن أن يُطلب منك لمس أشياء قد تشعر بأنها ملوثة، ثم يمنعك من غسل يديك، ومن خلال التعامل مع هذه المواقف بشكل مكثف ودون أن تقوم بالأفعال القهرية المعتادة، لتتعلم أن أفكارك القلقة هي مجرد أفكار وليست حقائق.
  • علاج القبول والالتزام (ACT): يُساعدك ACT على تعلم كيفية قبول الأفكار الوسواسية كجزء من تجربتك، وكيفية التعامل معها بطريقة تقلل من تأثيرها على حياتك، حيث سيساعدك المعالج في تطوير استراتيجيات تساعدك على العيش بمعنى ورغبة حتى في وجود أعراض الوسواس القهري.




بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون تقنيات اليقظة الذهنية مثل التأمل والاسترخاء مفيدة أيضًا في تخفيف الأعراض وتحسين الصحة النفسية.




كيف تكون سندًا لمن يعانون من الوسواس القهري؟

إذا كنت مهتماً في مساعدة شخص مصاب بالوسواس القهري، فإليك بعض النصائح المفيدة للتعامل مع هذه الحالة بتفهم ودعم:[٣]

  • فهم الوسواس القهري: قم بالبحث والتعرف على الوسواس القهري وكيف يؤثر على الأشخاص، فهذا سيساعدك في فهم تحديات الشخص المصاب به وكيف يمكنك دعمه بشكل أفضل.
  • كن مستمعاً جيداً: قد يحتاج الشخص المصاب بالوسواس القهري إلى شخص يستمع إلى أفكاره ومشاعره دون التقييم أو الانتقاد، لذا كن متاحًا للحديث معهم واستمع بتفهم.
  • التحفيز والتشجيع: حاول تشجيع الشخص على البحث عن المساعدة المهنية إذا لزم الأمر، ذكرهم بأن العلاج والدعم المهني يمكن أن يكون لهما تأثير إيجابي على تحسن حالتهم.
  • توفير بيئة داعمة: كن داعمًا وحاول توفير بيئة آمنة ومريحة، فذلك سيوفر لهم الشعور بالأمان والتفهم، إلى جانب ذلك احرص على عدم الضغط عليهم أو التهكم على مخاوفهم.
  • تقديم المعلومات: قد تكون قادرًا على مساعدة الشخص بتوجيهه إلى مصادر موثوقة على الإنترنت أو كتب تُعنى بالوسواس القهري، إذ إنّ تقديم المعلومات يمكن أن يساعد الشخص على فهم حالته بشكل أفضل.
  • تقديم الدعم العاطفي: الدعم العاطفي يمكن أن يكون له تأثير كبير، إذ يمكن أن يسهم تقديم الدعم والتشجيع في مساعدة الشخص على التغلب على تحديات الوسواس.
  • العناية بنفسك: لا تنسَ أن تأخذ راحة وتهتم بصحتك النفسية أيضًا، فمساعدة شخص مصاب بالوسواس القهري قد تكون مرهقة.




باختصار، الدعم والتفهم الذي تقدمه لشخص مصاب بالوسواس القهري يمكن أن يكون له تأثير كبير في تحسن حالته ومساعدته في التعامل مع هذه الحالة بفعالية.




الأسئلة الأكثر شيوعاً

1: ما هو الوسواس القهري؟

ينطوي الوسواس القهري على وجود أفكار غير مرغوب فيها وهواجس تسبب القلق، وأداء سلوكيات متكررة لمحاولة تخفيف القلق. بعض الأمثلة على الهواجس هي خوف من الجراثيم، أو الشك.


2: كيف يمكنني مساعدة شخص مصاب بالوسواس القهري؟

  • تعرف على الوسواس القهري وفهمه بشكل جيد.
  • كن مفهومًا ومستعدًا للاستماع دون الحكم أو الانتقاد.
  • توفير بيئة داعمة وتجنب السخرية أو التشجيع على القيام بالأفعال القهرية.
  • تشجيع البحث عن المساعدة المهنية والمساعدة في العثور على خيارات علاجية مناسبة.


3: ما هي أنواع العلاج المتاحة للوسواس القهري؟

تشمل العلاجات المتاحة العلاج النفسي مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والعلاج بالتعرض والاستجابة (ERP). قد تكون الأدوية أيضًا ضمن العلاج، ويتم تقديمها تحت إشراف طبي.


4: ما هي أفضل الخطوات للتعامل مع الوسواس القهري؟

  • البحث عن مساعدة محترفة.
  • الالتزام بالعلاج النفسي أو الأدوية حسب التوصيات الطبية.
  • الحفاظ على نمط حياة صحي بممارسة الرياضة وضمان النوم الجيد.
  • توفير الدعم والتفهم للشخص المتأثر ومساعدته في البحث عن مجموعات الدعم المجتمعية.


5: هل يمكن علاج الوسواس القهري؟

نعم، الوسواس القهري قابل للعلاج ويمكن التحكم فيه بشكل كبير، يمكن أن يساعد العلاج المهني والدعم الاجتماعي على تحسين حياة الأفراد والتعافي من هذا الاضطراب.


ملخص

بشكل عام، يجب أن تبدأ بفهم أن هذه الحالة يمكن التعامل معها بشكل إيجابي، وأنك لست وحدك في مواجهتها، والخطوة الأولى هي البحث عن مساعدة محترفة من مختص في الصحة النفسية، ويمكن أن يكون العلاج النفسي، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والعلاج بالتعرض والاستجابة (ERP)، فعالًا في تقديم الدعم وتعليمك كيفية التحكم في الوسواس والقلق، كما يمكن أن تكون الأدوية، تحت إشراف طبي، ضمن العلاجات المساعدة.


كما أنه من المهم الحفاظ على نمط حياة صحي من خلال ممارسة الرياضة بانتظام وضمان النوم الجيد، وتجنب التدخين، حيث يمكن أن يزيد من القلق وتفاقم الأعراض، واحرص على أن تكون داعمًا ومفهومًا لنفسك أو لأحبائك المصابين بالوسواس القهري، وتذكر أن الوسواس القهري يمكن التعامل معه بنجاح، وأن الدعم والعلاج المناسبين يمكن أن يساعد في تحقيق التحسن والتعافي.


المراجع

  1. "Obsessive-Compulsive Disorder (OCD)", helpguide. Edited.
  2. "Obsessive-Compulsive Disorder (OCD)", clevelandclinic. Edited.
  3. "How to Support a Loved One with OCD: 7 Ways", psychcentral. Edited.