تدني احترام الذات هو النظرة السلبية للنفس، والشعور بعدم الأهليّة والجدارة والكفاءة، جميعَ الأشخاصِ معرضون لهذا الشعور من وقت لآخر بسبب بعض الظروف، لكن إذا أصبح هذا الشعور ملازمًا للشخص على المدى الطويل، قد يصبح مؤذيًا لصحته النفسيّة والجسديّة، ويحول دون ممارسة حياته الاعتياديّة بالشكل الطبيعي، ويشكل عائقًا أمام تقدّمه، وعليه سنتناول في هذا المقال الأسباب المؤدّية إلى تدني تقدير الذات، وبعض طرق علاجه.


أسباب تدني احترام الذات

لا يوجد سبب واحد ومشترك وراء تدني احترام الذات، وكما أنَّ بعض الأشخاص يعانون من أكثر من سبب، لكن فيما يلي بعض الأسباب الشائعة التي تؤثر على احترام الذات:

  • إهمال الآباء: كل فرد يستحق أنْ يحظى بعائلة مُحبة، تقدّم له الدّعم الكافي، لكن لسوء الحظ، بعض الأطفال قد يعاني آباؤهم أو الأوصياء عليهم من مشاكلَ صحيّة أو عقليّة، أو بعضهم لا يمنحون أبناءهم الوقت الكافي لرعايتهم والاهتمام بهم وتقديم الحب الكافي لهم، مما قد يؤدي إلى حدوث مشاكلَ كبيرةٍ تتعلق في تقديرهم لذاتهم.[١]
  • الأقران السلبيون: مثلما يُمكن أنْ تؤثرَ الطريقة التي يُعاملنا بها الآباء أو الأوصياء بشكل كبير على تقديرنا لذاتنا، كذلك هو الحال للطريقة التي يُعاملنا بها أقراننا، فأنْ تكون جزءًا من مجموعة اجتماعيّة تُحبطك، وتضغط عليك للقيام بأشياء لا ترغبها، وتضطر لمجاراتهم لاعتقادك بأنَّ طريقتك الوحيدة لتصبح محبوبًا هي أنْ تفعلَ ما يريدوه الآخرون، فلا تستمع إلى عقلك وقلبك هنا، فذلك سينعكس سلبيًا على الطريقة التي ترى بها نفسك.[١]
  • الصدمات: إنَّ الصدمات الناتجة عن الإساءة الجسديّة أو الجنسيّة أو العقليّة هي أكثر الأسباب وضوحًا لتدني احترام الذات، حيث إنَّ إجبارك على اتخاذ موقف جسدي وعاطفي ضد إرادتك ورغبتك، يؤثر إلى حد كبير على ثقتك بنفسك وبالآخرين، وتتغير نظرتك للحياة، وتصبح شخصًا كارهًا لها، وقد تضع اللوم على نفسك في ما حدث لك، وتظن أنَّها غلطتك، وأنَّه كان يجب عليك أنْ تجد طرقًا لمنع الإساءة، مما يؤدي إلى أنْ تنظرَ لنفسك نظرة كره وخزي، وبالتالي يقل احترامك لذاتك.[٢]
  • الشكل الخارجي: كثيرًا ما نسمع بعبارة "الجسم المثالي" والذي أصبح هوس كثير من الفتيات والشباب، إذ إنَّ كثير من الناس غير راضيين عن أشكال جسدهم، ويقارنون أنفسهم بمن يرونهم بوسائل الإعلام وعلى غلاف المجلات، فالبعض يشعر بالخجل بسبب طوله، والبعض بسبب وزنه، وبعض الشباب شغلهم الشاغل عضلاتهم، والبعض يعاني من مشاكل خَلقية، وقد يصل الحال بالبعض إلى ممارسة سلوكيات غير صحيّة في محاولة إنقاص الوزن، كالامتناع الكلي عن الطعام، ومثل هؤلاء الأشخاص يشعرون بعدم الجاذبية ويفتقدون للرضا عن النفس مما يؤثر على احترامهم لذواتهم.[١]
  • الأهداف غير الواقعيّة: يضع بعض الأشخاص لأنفسهم أهدافًا صعبة التنفيذ لأنَّها فوق طاقتهم وإمكانياتهم، أو لكونها غير واقعيّة، وبعض الأحيان تُفرض عليهم هذه الأهداف من قِبل أشخاص آخرين كالوالدين مثلًا، على سبيل المثال، يتوقع بعض الأشخاص الذين يتوقون للشعبيّة أنْ يحظون بالمحبة والإعجاب من جميع الناس، وهو أمر صعب المنال، وبعض الأشخاص يضعون لأنفسهم هدف شراء بيت وسيارة خلال وقت قصير، مع أنَّ راتبهم الشهري لا يسمح لهم حتى بتوفير جزء بسيط منه، وكما أنَّ بعض الآباء يضعون لأبنائهم هدف الحصول على المرتبة الأولى بالتحصيل الدراسي مع أنَّ قدراتهم لا تؤهلهم لذلك، وبالتالي فإن الفشل الحتمي في تحقيق أهداف غير واقعيّة، يؤدي إلى الشعور بالفشل بشكل عام والشعر بتدني احترام الذات.[١]
  • أنماط التفكير السلبي: إنّّ حياة الإنسان وسلوكه ومشاعره هي انعكاس لأفكاره، فإذا كنت دائمًا تفكر بما هو سلبي، وتتحدث عن نفسك بطريقة سلبيّة، فهذا سيؤثر على مقدار احترامك لذاتك، وستشعر بأنَّك عديم القيمة وأقل شأنًا من الآخرين، كأن تقول لنفسك دائمًا "أنا غبي" أو "أنا ضعيف البُنية لن أتمكنَ من مواجهة أي اعتداء" أو "لا أستطيع أن أطور من نفسي"، فمثل هذه الأحاديث مع النفس كفيلة بأن تؤدي إلى تدني احترام الذات.[١]
  • وسائل التواصل الاجتماعي: ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي بتوسيع دائرة المقارنات، فأصبحت قادرًا وأنت جالس بمكانك أنْ تشاهدَ أشخاصًا من مختلف المستويات ومن مختلف دول العالم، وتبدأ بمقارنة نفسك بهم وتنظر إلى ما يملكونه، وعلى الرغم من أنَّ ليس كل ما يُنشر عبر الانترنت يُمثل الحقيقة، إلا أنَّ هذه الوسائل سرقت الإحساس بالرضا والقناعة، مما أدى إلى تدني احترام الذات لدى بعض الأشخاص.[٢]


كيفية علاج تدني احترام الذات

  • تحدى أفكارك السلبيّة: اكتب أفكارك السلبية حول نفسك، واستبدلها بأُخرى إيجابيّة، من خلال التركيز على نقاط القوة لديك، وما تجيد فعله، وقم بترديدها على نفسك مرارًا وتكرارًا، وكلما خطرت ببالك الفكرة السلبية، استبدلها على الفور بالفكرة الإيجابية، ومع الوقت ستعتاد على طريقة التفكير الإيجابي وستتخلص من الأفكار المُحبِطة، مثلًا استبدل فكرة مثل "أنا فاشل"، بفكرة إيجابيّة مثل "الفشل بداية النجاح".[٣]
  • اعتنِ بنفسك: إنَّ ممارسة الرياضة بانتظام، واتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، يعززان من إفراز هرمون الإندورفين، أو ما يُسمى هرمون السعادة، الذي يبعث في نفسك الشعور بالراحة، ويحسن من مزاجك، ويخفف من التوتر والقلق، مما يعزز من احترامك لذاتك.[٣]
  • استرخِ: حيث إنَّ الشعور المستمر بالتعب يلعب دورًا كبيرًا في تدني احترام الذات، إذ يزيد من أفكارك سلبيّة، ويقلل من ثقتك بنفسك، ويمنعك فعل الكثير من الأشياء التي تحبها، لذا عليك أنْ تتخلصَ من التعب عن طريق قضاء بعض الوقت في فعل ما تجده مريحًا، كالاستحمام، أو التأمل، أو اليوجا، أو الرقص، وغيرها.[٣]
  • أحط نفسك بأشخاص إيجابيين: ابتعد عن الأشخاص الذين ينتقدونك دائمًا، ويميلون إلى إحباطك، أو حاول أنْ تقضي معهم وقت أقل -في حال كان من الصعب أن تتجنبهم-، وأخبرهم بما تشعر به حيال كلماتهم أو أفعالهم، واقترب من الأشخاص الإيجابيين، الذين يقدرونك، ويبثون فيك روح التفاؤل والحماسة.[٤]
  • امنح نفسك تحديًّا: يشعر معظم الناس بالتوتر أو الخوف من تجربة أشياء جديدة، لكن الأشخاص الذين يتمتعون بتقدير الذات لا يتركون هذه المشاعر تمنعهم من مواجهة التحديات وخوض تجارب جديدة، لذا حدد لنفسك هدفًا، كالانضمام إلى نادي مُلاكمة مثلاً، أو تعلم لغة جديدة، وواجه مخاوفك، ولا تتراجع عن قرارك، فكلما حققت أهدافًا أكثر، سيزداد احترامك لذاتك.[٤]
  • ساعد شخصًا ما: قد يكون هذا الشخص أحد أفراد أسرتك الذي يحتاج مبلغًا من النقود، أو زميلك في الجامعة الذي يواجه صعوبة في فهم إحدى المواد، أو رجلاً مسناً لا يستطيع أنْ يقطعَ الطريق بمفرده، أو من خلال مشاركتك بالأعمال التطوعيّة، مهما كانت نوع المساعدة والدعم إلّا إنَّها تلعب دورًا كبيرًا في زيادة ثقتك بنفسك.[٣]
  • ابذل قصارى جهدك: عند خوض أي تجربة، أو تنفيذ أي مهمة، احرص على بذل قصارى جهدك، واستثمار كل قدراتك، فعندما تقوم بكل ما يجب عليك فعله لن تشعرَ بالذنب أو الندم في حال فشلت في الوصول إلى ما تريد، حيث إنَّ هذه المشاعر تؤدي إلى تقليل احترامك لذاتك، وحتى لو انتقدك أحدهم، فمن السهل تجاهل الأمر عندما تعلم أنَّك فعلت أفضل ما في وسعك.[٥]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج "8 Common Causes of Low Self-Esteem", goodchoicesgoodlife, Retrieved 18/4/2021. Edited.
  2. ^ أ ب Suzanne Lachmann (24/12/2013), "10 Sources of Low Self-Esteem", psychologytoday., Retrieved 18/4/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث "TOP 10 TIPS FOR OVERCOMING LOW SELF-ESTEEM", ditchthelabel, 21/11/2020, Retrieved 18/4/2021. Edited.
  4. ^ أ ب "Raising low self-esteem", nhs., Retrieved 19/4/2021. Edited.
  5. Tracy Kennedy (30/3/2021), "How to Build Self-Esteem: A Guide to Realize Your Hidden Power", lifehack, Retrieved 19/4/2021. Edited.