هل أنت من الأشخاص الذين يتلقون المعلومات والأحداث كما هي أو كما يسمعونها دون التشكيك فيها أو تحليلها؟ أم أنت من أولئك الذين يُخضِعون الأفكار والافتراضات إلى المنطق والتحليل، ولا يعتمدون على الحدس أو مجرد التلقي؟ إذا كنت من القسم الثاني فأنت من الأشخاص الذين يفكّرون بشكل نقدي، علماً أنّ التفكير النقدي كان موضوعًا للنقاش منذ زمن الفلاسفة اليونانيين كأرسطو وأفلاطون، وما زال حتى الآن محط اهتمام ونقاش، وهذا المقال سيوضح لك ما هو التفكير النقدي وما أهميته، إلى جانب ذكر أمثلة على التفكير النقدي، وتوضيح أبرز عقبات التفكير النقدي مع بيان كيفية التغلب عليها.[١]


تعريف التفكير النقدي وأهميته

سبقت الإشارة إلى أن التفكير النقدي هو التفكير الذي لا يعتمد على الحدس، وإنما على التحليل، والتمحيص، وقياس دقة المعلومة ووضوحها، والنظر إليها بموضوعية، وعدم التلقي السلبي للمعلومات والمرور عنها، وفيما يلي توضيح لأهمية التفكير النقدي:[٢]

  • التفكير النقدي يصلح لكل مجال: إن التفكير بشكل نقدي ليس حكرًا على مجال من المجالات، بل يمكن توظيفه والاستفادة من مهاراته في كل المجالات.
  • تطوير مهارات التعبير عن الذات والتواصل مع الآخرين: إن التفكير بشكل نقدي يمكّنك من التحليل والتمحيص والفهم، وبالتالي يمنحك قدرة أكبر للتعبير عن نفسك والتواصل بشكل واضح مع الآخرين.
  • تحفيز عملية الإبداع: إن التحليل الذي يتّبع خلال عملية التفكير النقدي يحفز عملية الإبداع وحل المشكلات، ويشجّع على ابتكار أفكار جديدة.
  • التفكير النقدي مهم للتواصل مع الذات والتأمل: أن مهارات التفكير النقدي تساعدنا على التواصل أفضل مع ذاتنا وفهمها، كما تفسح مجالًا للتأمل والتفكّر في النفس.
  • تطوير الوضع الاقتصادي: هناك علاقة بين تطوير الوضع الاقتصادي للبلاد وبين التفكير النقدي، فالمستقبل يتجّه إلى التكنولوجيا والابتكار والإبداع وضخ المعلومات، والتفكير النقدي يحفّز الإبداع والابتكار وبالتالي يساعد في تطور الوضع الاقتصادي.


أمثلة على مهارات التفكير النقدي

مما لا شك فيه أنك تحتاج إلى معرفة أهم مهارات التفكير النقدي لتركّز عليها وتطوّرها، وقد سبقت الإشارة إليها سريعًا وإليك توضيحها:[٣]

  • بناء التفكير التحليلي، والقدرة على حل المشكلات: إن أهم مهارة من المهارات التي يجب أن يمتلكها المفكر الناقد هي القدرة على تحليل المعلومات بعد جمعها وتفسيرها، ثم تقييمها، وطرح الشكوك حولها للوصول إلى عمق حقيقتها، وإلى جانب امتلاك المهارة التحليلية لا بد من امتلاك مهارة حل المشكلات فمثلًا إذا كان السبب في تأخر وصول الموظفين إلى الشركة هو اختلاف المدن التي يأتي منها الموظفون؛ نظرًا لأنهم يأتون من مناطق مختلفة إلى نقطة تجمع واحدة فيصل أشخاص قبل آخرين، يمكن توزيع الحافلات على نقاط تجمع مختلفة بدلًا من تكدسها في مكان واحد.
  • التفكير الإبداعي، والانفتاح: إذا كنت من الأشخاص الذين يفكّرون بطريقة مألوفة ولا يحاولون تغيير مسارات تفكيرهم نحو الابتكار والتجدد فستواجه بعض العقبات عند التفكير النقدي، فالإبداع مهارة تحتاج إلى التطوير والتمرين المستمر، أما الانفتاح فيُقصد به المرونة وتقبّل وجهات النظر والآرآء المختلفة وعدم التعصب لرأيك الخاص لمجرد تجربته مسبقًا، فمثلًا إذا طرح موظف اقتراحًا في جلسة عمل ورأيته مناسبًا ومفيدًا أكثر من رأيك فتقبله.
  • التواصل الفعّال وطرح الأسئلة المنطقية: إن التواصل الفعّال ومشاركة الآخرين أفكارهم واقتراحاتهم وتقبلها والاستماع إليهم، إلى جانب طرح أسئلة مدروسة ومنطقية، يساعدك على جمع المعلومات التي تحتاجها للوصول إلى القرار الصحيح.


عقبات التفكير النقدي وكيفية التغلب عليها

وفيما يلي أهم عقبات التفكير النقدي، إلى جانب توضيح كيفية التغلب عليها:[٤]

  • سوء الفهم والربط الخاطئ بين التفكير النقدي والسلبية: بعض الأشخاص يظنون أن تحليل المعلومات وتمحيصها يندرج تحت السلبية، والحقيقة أن التفكير النقدي هو محاولة رؤية الموقف أو الحدث من زوايا متعددة مع التفريق بين الحدس والافتراضات والحقيقة والآرآء المسبقة والأحكام، وبعد معرفتك الفرق بين التفكير النقدي والتفكير السلبي ستتشجع على التفكير النقدي المنطقي الحيادي، وستحرص على ألّا تخلط بينهما.
  • طرح افتراضات غير المنطقية وغير الواقعية ونقص المعرفة: من معوقات التفكير النقدي طرح افتراضات تستند إلى التحيز أحيانًا، أو إلى صور نمطية مخزنة في اللاوعي عن العرق والدين والجنس، أو الاحتكام إلى تجربة أو أكثر مر بها الشخص، وكل هذه الافتراضات من شأنها التقليل من مستوى الموضوعية والحيادية اللذين يعدان من أسس التفكير النقدي، إلى جانب نقص الأدلة والمعلومات الكافية عن موضوع معين، ولتخطّي ذلك ينصح بالبحث أكثر والقراءة، والتخلّي عن أي صور نمطية أو أحكام مسبقة، للوصول إلى حكم نقدي موضوعي.
  • عدم القدرة على النقد والتشكيك: إن أساس التفكير النقدي القدرة على نقد المعلومة أو الموقف والتشكيك فيه ليس لمجرد التشكيك ولكن للوصول إلى الحقيقة، وإذا كان الشخص لا يتمتع بحس نقدي يمكّنه من التحليل وطرح التساؤلات وإثارة الأسئلة والشكوك فقد يقف هذا بينه وبين التفكير النقدي ويحتاج عندها إلى تطوير مهاراته لتتعزّز لديه الرغبة والإرادة للتفكير بشكل نقدي.
  • الميل إلى العواطف أو البحث لتأكيد وجهة النظر فقط: تذكّر أن يكون تفكيرك النقدي نابعًا من رغبتك في الحصول على المعلومة الحقيقية وليس الحصول على المعلومة التي تدعم وجهك نظرك وتؤكدها، وتأكد من أن تفصل بين عواطفك ومشاعرك تجاه موضوع أو موقف معين وبين موضوعيتك وحياديتك، فإذا شعرت بأن الحكم الذي ستعطيه عندما تُدخل العاطفة أو المشاعر سيختلف عنه إذا تخليت عنها، فهذا يعني أن عواطفك تتدخل في أحكامك ويجب الانتباه إلى هذه النقطة.


نصائح إضافية للتغلب على عقبات التفكير النقدي

إضافة إلى ما سبق إليك بعض النصائح للتغلب على عقبات التفكير النقدي وتجاوزها:[٥]

  • اطرح أسئلة مباشرة لتوصلك إلى الإجابة: إن التفكير النقدي لا يعني بالضرورة أن تميل إلى التعقيد بل إلى المنطق، لذلك لا تنس الأسئلة المنطقية الأساسية التي ستوصلك إلى الإجابة مثل: ماذا تعرف عن الموضوع أو الموقف؟ وكيف عرفته أو ستعرفه؟ وما الذي تريد إثباته أو دحضه أو إقراره؟.
  • تقييم المعلومات والأدلّة الموجودة: لا يعني التفكير النقدي تجاوز جهود الآخرين وسعيهم لإيجاد حل لمشكلة أو مخرج لأزمة أو تقديم دليل على صحة أمر ما أو دليل ينقضه، فلا بأس من الاستفادة من جهود الآخرين بعد أن تطرح أسئلة مهمة وهي : من أتى بهذه الأدلة؟ وكيف توصل إليها؟ ولماذا يجب أن يُنظر إليها؟ فمثلًا إذا أردت أن تتبع حمية غذائية معينة وقرأت مجموعة من التجارب تقول إنها أفضل حمية على الإطلاق، قد تشك في مصداقية هذه الأقوال، ولكن الشك لا يعني نفي صحتها تمامًا، إذ يمكنك طرح أسئلة مثل: ما مصدر هذه الأقوال؟ وما هي هويات الأشخاص هل هي حقيقية أو وهمية؟ وما هي الظروف التي أحاطت بهم ليقولوا مثل ذلك، وغيرها من الأسئلة التي ستوصلك إلى الحقيقة.
  • تذكّر أنّك لا يمكنك التفكير النقدي طوال الوقت: لا ترهق نفسك بمحاولة التفكير النقدي والمنطقي والعقلاني كل الوقت، فأنت تحتاج للتفكير النقدي قي بعض الأوقات، مثلاً عند اتخاذ قرارات مهمة أو عند حل المشكلات، والتعامل مع المواقف الصعبة.
  • اعكس الأمور: حاول الخروج عن الطريقة النمطية في التفكير، وفكّر بالعكس ومثال ذلك السؤال المشهور: من أتى أولًا الدجاجة أم البيضة؟ رغم بساطة هذا المثال إلا أنّه يضعك أمام إجابات مختلفة فإذا كانت الدجاجة أولًا فلذلك سبب وإذا كانت البيضة أولًا فهناك سبب أيضًا.


المراجع

  1. "Critical Thinking Skills", www.skillsyouneed.com, Retrieved 16/1/2021. Edited.
  2. "Why Is Critical Thinking Important? A Survival Guide", www.uopeople.edu, Retrieved 16/1/2021. Edited.
  3. "6 Examples of Critical Thinking Skills", www.indeed.com, 25/11/2020, Retrieved 16/1/2021. Edited.
  4. "5 Barriers to Critical Thinking (and how to challenge them!)", www.talentlens.co.uk, Retrieved 16/1/2021. Edited.
  5. Ransom Patterson (26/6/2020), "7 Ways to Improve Your Critical Thinking Skills", collegeinfogeek.com, Retrieved 16/1/2021. Edited.