كيف أخرج من العزلة؟ خطوات عملية للرجوع للحياة الطبيعية

الشعور بالعزلة أو الوحدة هو حالة ذهنيّة، حيثُ يُعرف الباحثون هذه الحالة بأنَّها الشعور بالوحدة أكثر من مرّة واحدة في الأُسبوع، ويصاحبها الشعور بالفراغ والرفض من المحيط، فالأشخاص الذين يعانون من الشعور بالعزلة أحيانًا يحتاجون بشدة إلى أنْ يتواصلوا مع من حولهم، إلّا أنَّ حالتهم الذهنيّة لا تسمح لهم بذلك، مما يجعل التواصل مع الآخرين أمرًا صعبًا، ومن الجدير بالذكر أنَّ العزلة لا تعني بالضرورة أنَّ الشخص وحيد، فقد يشعر الإنسان بالوحدة رغم وجوده بين حشد من الناس، كالطالب الجامعيّ الذي يشعر بالوحدة بالرغم من وجود كثير من الأصدقاء حوله، ويشاركونه نفس السكن أيضًا، وعليه سنذكر في هذا المقال بعض الخطوات العملية التي تساعدك على الخروج من العزلة.^[١]

ابدأ بمحادثات قصيرة

وهذا يعني ألّا تقحمَ نفسك فورًا بمواقف اجتماعيّة على نطاق كبير، فقد يؤدي ذلك إلى نتائجَ عكسية، فكل ما عليك فعله في البداية أنْ تتفاعلَ مع الآخرين بمحادثات قصيرة من شأنها أنْ تساعدَك على كسر الجمود، كأن تقوم بإلقاء السلام على جارك عند مصادفته وسؤاله عن أحواله، أو أنْ ترسلَ رسالة إلى أحد أصدقائك، فهذه التفاعلات الصغيرة ستساعدك على الشعور براحة أكبر في المواقف الاجتماعيّة.^[٢]

قلْ "نعم" بلا تردد

عندما يكون الشخص في دوامة الشعور بالوحدة، غالبًا ما يرفض اقتراحات الأصدقاء بالخروج دون أنْ يدركَ ذلك؛ بسبب شعور الرفض من الآخرين الذي يُصاحب الشعور بالعزلة، مما يولد لديه أفكاراً سلبيّة مثل "لن يكون ذلك مناسبًا لي"، أو "ربما هم لا يردون حقًا أنْ أخرجَ معهم"، أو "سوف أشعر بالغربة بينهم"، وعليه جرب أنْ تقولَ نعم، فقد تجد نفسك مستمتعًا بعكس ما كنت تعتقد تمامًا.^[٢]

أخبر عائلتك وأصدقاءك المقربين

دعهم يعرفون أنَّك تعاني من الشعور بالعزلة، وأخبرهم إذا ما كان هناك سبب واضح وراء هذا الشعور، كفقدان علاقة ما، أو وظيفة، وغيرها من الأسباب، فقد يساعدك ذلك بطريقتين، الأولى هي أنَّه أحيانًا كل ما يريده الإنسان هو أذنٌ صاغيّة، يشكو لها ما يعاني، فالتحدث عن المشكلة والتعبير عن مشاعرك سيمنحك شعورًا بالراحة، والثانية هي أنَّ عائلتك وأصدقاءك هم أكثر الأشخاص حبًا ودعمًا لك، وسيقفون بجانبك ويقدمون لك النصيحة والحلول التي من شأنها أنْ تخففَ من أعراض العزلة وتساعدك على التغلب عليها، وقد يكون أحدهم مرَّ بتجربتك من قبل، وهذا سيمنحك الإلهام والدافع والأمل بأنّك ستتجاوز هذه الحالة أيضًا.^[٣]

شارك بالأعمال التطوعيّة

إنَّ لممارسة العمل التطوعيّ أهمية كبيرة في محاربة الكثير من الأمراض والاضطرابات النفسيّة وحتى الانحرافات السلوكيّة، وعليه فإنَّ الأنشطة التطوعيّة تساعدك بشكل فعّال في محاربة الشعور بالعزلة، فهي تمنحك فرصة لتكوين صداقات مع أشخاص يشاركونك نفس الاهتمامات، وبالتواصل المنتظم معهم سوف تتخلص من الشعور بالوحدة، بالإضافة إلى ذلك فإن بذل طاقة العطاء ومد يد المساعدة للآخرين وتغيير حالهم من البؤس للسعادة سيمنحك الشعور بالسعادة الحقيقية، والرضا عن الذات والذي ينتج عنه الثقة بالنفس، ويخفف من الشعور بالتوتر، وعليه قم بالبحث بمنطقتك أو مجتمعك المحلي عن مجالات للتطوع، كزيارة دار رعاية المسنين أو دار رعاية الأيتام وتقديم المساعدات الماديّة أو المعنويّة لهم.^[٣]

اعتنِ بنفسك

إلى جانب العمل على التواصل مع الآخرين، لا تغفلْ عن أهمية الاعتناء بالنفس، وذلك من خلال:^[٣]

• ممارسة التمارين الرياضيّة: فقد أُثبت أنَّ التمارين الرياضيّة تعمل على تحفيز إفراز هرمون الإندورفين، أو ما يُسمى هرمون السعادة، والذي يتحكم بالحالة المزاجية للإنسان، مما يجعلك تشعر بالتحسن والراحة.
• التعرض لأشعة الشمس: أشعة الشمس تعمل عمل التمارين الرياضيّة، فهي أيضًا تحفز إفراز هرمون الإندورفين، وهرمون السيروتونين أيضًا، لكن تأكد من اتباع إرشادات السلامة عند التعرض لها.
• اتباع نظام غذائيّ صحيّ: إنَّ كل ما تضعه في فمك لا يؤثر فقط على صحتك الجسديّة، بل على صحتك النفسيّة ومزاجك أيضًا، وعليه احرص على تناول نظام غذائي يحتوي على جميع العناصر المهمة، وشرب كميات كافية من الماء، وتجنب الأطعمة المُصنعة والسكريّة والمواد الحافظة.
• الحصول على قسط كافٍ من النوم: النوم قوة عظمى، لما له من تأثير كبير على صحتك الجسدية والنفسيّة والعقليّة، فاحرص على اتباع روتين يومي بالنوم، بحيث تنام وتستيقظ بنفس الوقت يوميَّا، وبمعدل 7-9 ساعات، ويساعدك على ذلك أخذ حمام دافئ قبل النوم، والابتعاد عن شرب الكافيين وتناول السكر مساءً، وعدم استخدام الهاتف المحمول وأنت بالفراش.

أشغل نفسك

يعمل الفراغ كعمل السم بالجسم، فعندما يكون لديك ساعات طويلة من الفراغ، سيزيد تفكيرك بمشكلة الوحدة ومشاكلك ككل، لذلك من الضروري أنْ تنظمَ يومك، بحيث تستغل وقتك بطريقة صحيحة، مما ينعكس على صحتك الجسديّة والعقليّة، فاحرص على أنْ تشغلَ نفسك بكل ما هو نافع، واستغل وقت الفراغ المتبقي بما يجلب لك الفائدة والمتعة والراحة، كقراءة الكتب، ومشاهدة التلفاز، وممارسة الهوايات، والالتحاق بالأندية الثقافية، وتصفح الإنترنت والمواقع الإلكترونيّة ومواقع التواصل الاجتماعي ولكن بقدرٍ محدود، وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ عالم التواصل الاجتماعي هو عالم افتراضي، يسعى فيه الأشخاص إلى إظهار أفضل ما لديهم، فمجرد دخولك دائرة المقارنة بين نفسك وبين ما تراه سيزيد من شعور العزلة لديك.^[٤]