يتعرض معظم الأطفال للمضايقات والإغاظة من قِبل أخ أو صديق أو زميل، وعادةً لا يُعد هذا شيئًا ضارًا إذا تم بطريقة تتسم بالمرح والدعابة والود المتبادل بين الطرفين، لكن عندما تصبح المضايقة مؤذيّة بشكل متعمّد ومتكرّر، بحيث يتمّ استخدام القوة للتحكم أو لإلحاق الأذى بالطرف الأضعف، فإنها تتخطى حدود المزاح والمضايقة البسيطة، وتتحول إلى تنمر يجب التنبه إليه وإيقافه، وفي هذا المقال سنسلط الضوء على تعريف التنمر، وأسبابه، وكيفية علاجه.[١]


ما هو تنمر الأطفال؟

تنمر الأطفال هو سلوكيات سيئة متعمّدة بطرق جسديّة أو لفظيّة أو نفسيّة، يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر، كالضرب، والدفع، أو تبادل الشتائم، أو الابتزاز، أو أنْ يتعمدَ المتنمر السخرية من طفل آخر ونشر الشائعات عنه لإقصائه خارج مجموعة من الأصدقاء، وكما يستخدم آخرون وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل الإلكترونيّة للتهكم على غيرهم وإيذاء مشاعرهم، وعليه فإن التنمر من المشاكل الكبيرة التي يواجهها الأطفال وتتسبب لهم بكثير من المشاعر السلبيّة مثل الحزن، الخوف، الوحدة، الشعور بالأذى والألم، وتقليل تقدير الذات، وفي الحالات الشديدة قد يؤدي إلى الانتحار، ولذلك يجب أنْ يُؤخذَ التنمر على محمل الجد، فهو أخطر من أنْ يُعد مجرد مشكلة بسيطة يجب التخلص منها.[١]


ما هي أسباب تنمر الأطفال؟

ثمة العديدُ من الأسباب التي تؤثر على سلوك الطفل، وتدفعه للتنمر على الآخرين، وفيما يلي بعض منها:[٢]

  • إهمال الوالدين: حيث يؤدي إلى نشأة طفل غير سويٍّ، واكتسابه لكثير من السلوكيات الخاطئة منها التنمر، إذ يعيش بعض الأطفال في بيوت تفتقد للقواعد التي تحدد السلوكيات الصحيحة والخاطئة، ولا يلعب الوالدان دورهم بتوجيه أبنائهم وتوعيتهم بما يجوز فعله وما لا يجوز، بالإضافة إلى ذلك فهم لا يتلقون الحب والدفء من عائلاتهم.
  • التعنيف في الأُسرة: يتعلم بعض الأطفال السلوكيات العدوانيّة عندما يتعرضون لها من قِبل الوالدين أو الأشقاء.
  • عدم وجود قوانين رادعة بالمدارس: من المرجح أن تزيدَ حالات التنمر بالمدارس عندما لا يطبق فيها قوانين صارمة ورادعة.
  • الألعاب الإلكترونيّة العنيفة: يميل الأطفال إلى تطبيق كل ما يشاهدونه بالألعاب الإلكترونية أو برامج الكرتون أو الأفلام التي تحرّض على العنف أو التنمر.
  • التأثر بالأقران: يتأثر الأطفال بسلوكيات بعضهم البعض، فطفل متنمر واحد كفيل بأن يؤثر على سلوكيات مجموعة كبيرة من الأطفال.
  • فقدان الثقة بالنفس: يلجأ بعض الأطفال إلى التنمر ليثبت قوته، وليحصل على الثقة بنفسه من خلال لفت الانتباه.
  • التربية الخاطئة: يُصنّف بعض أولياء الأمور سلوك أطفالهم العدواني تحت مسمى الشجاعة والجرأة والقيادة، هذا فضلاً عن أنَّ بعضهم لا يربي أطفاله على القناعة، وحب الخير للغير، مما يدفعهم للتنمر لمجرد امتلاك الآخرين ما لا يمتلكونه، أو إذا شعروا بأنهم أفضل منهم من جانب ما.


كيفية علاج التنمر

مساعدة الطفل في التوقف عن التنمر

تقع على عاتق الأهل مسؤولية مساعدة طفلهم في التوقف عن التنمر، وذلك من خلال:[٣]

  • غرس شعور التعاطف في نفسه: من خلال التحدّث معه عن عواقب التنمر، وإعطائه الوقت الكافي للتفكير فيما سيشعر به إذا كان هو الشخص الذي يتعرض للتنمر، وتركه للتحدث عن شعوره، إذ عندما يتعلم الطفل رؤية الأشياء من منظور مختلف، فمن غير المُرجح أنْ يقومَ بالتنمر مرة أُخرى، وعليه فإن رفع مستوى الذكاء العاطفي وغرس روح التعاطف تساعدك على قطع شوط طويل في منع التنمر.
  • الحرمان من الامتيازات: فهو من أشكال التأديب الشائعة والفعّالة، ويتم عن طريق حرمان الطفل من أكثر الأشياء المُحببة لديه، لكن احرص أنْ لا تتنازلَ وتستسلمَ أمام دموع طفلك، فمجرد أنْ تأخذ منه شيئًّا ما، لا تعيده إلا بعد انتهاء الفترة الزمنية التي أخبرته عنها، وكذلك الحال عندما تحرمه من فعل شيء، فعلى سبيل المثال، يُمكنك منعه من حضور مناسبة خاصة، أو من ركوب الدراجة، أو من الخروج للتنزه.
  • تعليم الطفل مهارة جديدة: وذلك من خلال البحث عن الأسباب التي أدّت إلى التنمر، حيث إنَّ امتلاك الطفل لبعض المهارات تمنعه من التنمر، فانتبه لتفاصيل سلوك التنمر لدى طفلك، فإذا كان مثلًا يتنمر لجذب الانتباه، فهنا دورك أنْ تعزز ثقته بنفسه، أما إذا كان التنمر بسبب ضغط الأقران، فهو بحاجة إلى أنْ يتعلمَ كيف يختار أصدقاءه، بالإضافة إلى ذلك فإن مهارة إدارة الغضب والتحكم في الانفعالات تحد من حالات التنمر.


مساعدة الطفل الذي يتعرض للتنمر

إليك بعض النصائح التي تساعد الطفل الذي يتعرض للتنمر، والتي تقي الطفل من التنمر قبل حدوثه:[٤]

  • تعزيز ثقته بنفسه: الثقة بالنفس هي الدرع الواقي من التنمر، فكلما كان شعور طفلك أفضل اتجاه نفسه، قلّ احتمال تأثير التنمر على تقديره لذاته، لذلك قم بتنمية مواهبه، وشجعه على ممارسة هوايته والأنشطة التي تُبرِز أفضل ما لديه، وأخبره عن صفاته الفريدة التي تحبها فيه، وعزّز سلوكياته الإيجابيّة ونقاط قوته.
  • توعيته حول كيفية مواجهة المتنمر: وضح لطفلك الاستراتيجيات التي يجب أنْ يتبعها بمواجهة المتنمر، وأهمها أنْ لا تدع المتنمر يشعرك بسوء، فعندما يقول شخص ما شيئًّا سيئًا عنك، ذكرْ نفسك بصفاتك الإيجابيّة ونقاط قوتك، وأخبرْ المتنمر بصوت واثق وحازم بما تشعر به، ولماذا تشعر به، وماذا تريد أنْ يفعله، على سبيل المثال "أشعر بالاستياء عندما تناديني بهذا اللقب، فأنا أملك اسمًا حقيقيًّا، وأرغب أنْ تناديني به"، ولا تكافئ المتنمر بالدموع، لكي لا يشعرَ أنَّه نجح في تحقيق غايته وهي إيذاء مشاعرك، وواجه تهديدات التنمر بضحكة ساخرة وامضِ بثقة، وأخبر شخصاً بالغاً في حال حاول أحد أن يؤذيك جسديًّا، ولكن هذا لا يعني أنْ تتوقع دائمًا سوء المعاملة من الآخرين، فعندما تتجه نحو مجموعة من الأطفال، ضع تصورات بأنهم سيكونون لطفاء معك، وبادر أنت باللطف والود، وعاملهم كما تحب أنْ تُعامل، ودافع عنهم عندما يتعرضون للتنمر، واسمح لهم بأنْ يدافعوا عنك، واتبع غرائزك واستخدم ذكاءك لاختيار أفضل طريقة لمواجهة التنمر.
  • الحفاظ على خط تواصل مفتوح بينك وبين ابنك: عوّد ابنك منذ صغره أنْ يُخبرَك بكل ما يحدث معه، وأصغِ إليه باهتمام، واجعل علاقتك معه مبنية على الصداقة، بحيث لا يتردد بإخبارك عن أيِّ أمرٍ مهما كان، حتى لو ارتكب خطأ ما، تحدث معه بنبرة هادئة ووديّة، بحيث لا تجعله يندم على مصارحتك، وبذلك تضمن أنَّه سيخبرك فور تعرضه لأيِّ حالة تنمر، ولا سيما عندما تذكره أنَّ تعرضه للتنمر أمر لا ذنب له به، وأنَّك هنا لمساعدته.
  • إخبار والدي الطفل المتنمر والتواصل مع المدرسة: إذا تعرض طفلك للتنمر من أحد زملائه بالمدرسة بشكل متكرر، لا بدَّ أنْ تتواصلَ مع ولي أمره، وتتحدث إليه بطريقة غير تصادميّة، مع التوضيح أنَّ هدفك هو حل المشكلة معًا، وكما يجب أنْ تتواصلَ مع مدرسة طفلك، وتبلغهم عن أي حادث تنمر، فلا تفترض أنَّ موظفي المدرسة على دراية بكل ما يحدث.

المراجع

  1. ^ أ ب "Helping Kids Deal With Bullies", kidshealth, Retrieved 9/4/2021. Edited.
  2. "8 Reasons Kids Bully", education, Retrieved 9/4/2021. Edited.
  3. Sherri Gordon (25/8/2020), "10 Ways to Discipline Your Child for Bullying Others", verywellfamily, Retrieved 9/4/2021. Edited.
  4. Stacey Colino, Laura Broadwell, Corinne Schuman, Suzanne Peck (11/6/2020), "How to Deal With Bullies: A Guide for Parents", parents, Retrieved 9/4/2021. Edited.