هل تشعر بالوحدة، ولا تعلم السبب في ذلك؟ هل تبحث عن طرق للخروج من وحدتك، وإعادة التواصل مع أصدقائك؟ قد يشعر البعض بشعور الوحدة والرغبة في البقاء وحيداً بعيداً عن الآخرين، ويمكن اعتبار الوحدة بأنّها عاطفة إنسانية يصعب فهمها، فهي قد تختلف من شخصٍ لآخر، وهي شعور سيئ وفي نفس الوقت لها آثارها التي تنعكس سلباً على الشخص المصاب بالوحدة؛ سواءً من الناحية الصحية كالتغيّر في وظائف المخ، والإصابة بمرض الزهايمر، والإصابة بأمراض القلب، والسكتة الدماغية، أو من الناحية السلوكية؛ كإدمان تعاطي المخدرات أو الكحول، وزيادة مستويات التوتر، كما قد تصل الأعراض إلى الاكتئاب، ممّا يستدعي ضرورة البحث عن طرق للخروج من الوحدة في حال مرّ الشخص بذلك الشعور.[١]


ما هي الوحدة؟

يمكن تعريف الوحدة بالعديد من التعريفات، إلّا أنّ التعريف الشائع لها يشير إلى أنّها شعور الفرد بحالة من العزلة والفراغ، وهي حالة ذهنية تجعل الفرد يجد صعوبة في إيجاد معنىً لحياته، ويصبح غير قادر على تكوين روابط اجتماعية مع الآخرين، لأنّ الشخص المصاب بالوحدة يشعر بأنّه غير مرغوب به، وغالباً ما يرغب هذا الشخص بالتواصل مع الناس، لكنّ تلك الحالة الذهنية تمنعه من التواصل مع الآخرين وتكوين علاقات وروابط معهم، فالوحدة لا تشترط أن يكون الشخص وحيداً بشكلٍ فعليّ، لكن حالته الذهنية تجعله يرى نفسه وحيداً بالرغم من تواجد الآخرين حوله، ومثال ذلك؛ قد يشعر الطالب الجديد بالوحدة عند انتقاله لجامعة أو مدرسة جديدة بالرغم من تواجد زملائه حوله.[١][٢]


لماذا نشعر بالوحدة؟

يوجد العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الشعور بالوحدة، وفيما يلي بعض أبرز تلك الأسباب:[٣]

  • التعرّض للإساءة أو الرفض من قبل الآخرين: قد يتعرّض البعض إلى العديد من الاعتداءات اللفظية والنفسية مثل؛ تكرار الكذب عليه، أو السخرية والاستهزاء به، أو التعبير عن رفض أفراد العائلة أو الأصدقاء له، فيشعر بأنهم لا يريدون التواصل معه، وغيرها من الاعتداءات التي تدفع الشخص للدفاع عن نفسه من خلال عزل نفسه عن أولئك الأشخاص، وكذلك عن الأشخاص الذين يهتمون لأمره.
  • عدم القدرة على التكيُّف: أحياناً يشعر الشخص بأنّه مختلف عمّن يحيطونه، وبأنّ أفكاره لا تتناسب مع أفكارهم، فيصبح غير قادر على التكيّف معهم، أو يتعرّض للرفض بسبب ذلك.
  • فقدان شخص عزيز: قد يؤدي الانفصال عن شخص عزيز أو فقدانه، أو الطلاق إلى الشعور بالوحدة، خاصةً عند الانفصال عن شخص مهم ومميّز، فتلك المشاعر القوية كفيلة بأنّ تُشعر الشخص بالوحدة.[٣][١]
  • عوامل داخلية: يمكن أن تؤدي بعض العوامل الداخلية للشخص نفسه؛ كتدني احترام النفس أو تدنّي الثقة بالنفس إلى الشعور بالوحدة، فأولئك الأشخاص يعتقدون بأنّهم لا يستحقون احترام الآخرين أو اهتمامهم، وذلك بدوره يؤدي إلى الانعزال عن الآخرين والشعور بالوحدة.[١]
  • التعرّض لظروف جديدة: يتعرّض الجميع للعديد من الظروف المستجدّة عليه، كتغيير المدرسة أو الجامعة، أو مكان العمل، أو الانتقال إلى مكان جديد للعيش فيه، أو تجربة العيش بشكل منفرد لأول مرة، وغيرها من الظروف التي قد تزيد من مشاعر الوحدة لدى الشخص وخاصةً في حال عدم قدرته على التكيّف معها.[٤]
  • الافتقار إلى الروابط الهادفة: فقد يمتلك الشخص شبكة اجتماعية واسعة، إلّا أنّه يشعر بالوحدة بسبب عدم قدرته على تكوين روابط وعلاقات هادفة أو ذات معنى مع الآخرين.[٤]
  • التعايش مع المشاكل الصحية: قد يؤدي تعايش الشخص مع المشاكل الصحية سواءً البدنية أو العقلية إلى الشعور بالوحدة، بسبب عدم امتلاك طاقة لممارسة الأنشطة الجماعية والتي تتطلّب طاقة عالية لدى الشخص، فيضطر إلى إلغاء العديد من تلك الأنشطة الجماعية والبقاء وحيداً.[٤]


كيف نتخلص من الشعور بالوحدة؟

فيما يلي بعض الطرق التي تساعدك في التخلّص من الوحدة:[٥]

  • استفد من وسائل التواصل الاجتماعي: عندما تشعر بالرضا عن أمر معين مهما كان بسيطاً، فيمكنك مشاركته مع الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي، كما يمكنك مشاركة بعض اللحظات الجميلة معهم، فيمكنك مثلاً تصوير حديقتك وكتابة عبارة توحي بالإيجابية على أحد وسائل التواصل الاجتماعي، إذ إنّ مشاركة تلك اللحظات والأشياء الجميلة مع الآخرين يزيد من فرص التواصل مع الآخرين والتغلّب على الوحدة.
  • شارك في الأعمال التطوعية: يمكنك التواصل مع الأشخاص الجدد وتكوين علاقات عدّة من خلال المشاركة في الأعمال التطوعية، فيمكنك التعاون مع زملائك لمساعدة الآخرين لحلّ مشاكلهم، أو العمل على حل قضية مهمة تخص بلدتك وغيرها من الأعمال التي يمكنك أداؤها بشكلٍ واقعي على أرض الواقع أو عن بُعد بالاستعانة بشبكة الإنترنت.
  • انضم إلى دورات: يمكنك اختيار دورة معينة تخص موضوعاً يثير اهتمامك، كالرياضة أو الطهي، أو القراءة أو غيرها، فتلك الدورات توفر فرصة للالتقاء بالأشخاص المماثلين لك بالتفكير ونوع الاهتمام، ممّا يزيد من قوة الارتباط بينكم وتكوين صداقات قوية وذات معنى وتدوم مدى الحياة، وفي حال كان من الصعب التفاعل وجهاً لوجه فيمكنك الانضمام للدورات عبر الإنترنت، فهي تحقّق نفس الفائدة، وتساهم بشكلٍ واضح في التقليل من الشعور بالوحدة.
  • فكّر إيجابيّاً: يرتبط نمط التفكير بزيادة شعور الوحدة أو التخلّص منه، فعندما تفكّر بشكلٍ سلبيّ مثل "أنا أكره حياتي، فالكل لا يحبني" أو " لا أحد يحب قضاء الوقت معي"، فذلك يزيد من شعور الوحدة لديك ويمنعك من تكوين علاقات مع الآخرين، في حين أنّ التفكير الإيجابي يخلّصك من ذلك الشعور، فيمكنك أن تقول لنفسك " أنا شخص محبوب من قبل الجميع، وأحب أن أقضي الوقت معهم"، علماً بأنّ حديث النفس الإيجابي يحتاج لتدريب مستمر حتى تتمكّن من مكافحة المشاعر السلبية وتحسين حياتك.[٦]
  • اطلب المساعدة من متخصّص: من المهم مقابلة أخصائيّ في الصحة العقلية عندما تصبح الوحدة مشكلة متأزمة لديك، ففي هذه الحالة يكون المتخصص أقدر شخص يساعدك على اكتشاف الأسباب التي دفعتك للشعور بالوحدة، وكيفية معالجة تلك المشكلة لديك مهما كان سببها، فلجوئك إلى متخصّص سيدعمك كثيراً في عملية الشفاء.[٦]
  • تعلّم مهارة جديدة: يمكنك قضاء بعض الوقت من أجل تعلّم مهارة جديدة وممارستها، كالعزف على آلة موسيقية، أو الرسم، أو غيرها، فذلك يساعد على التغلّب على مشاعر الوحدة، حتى لو كنت تمارس تلك الهواية منفرداً، فتعلّم مهارات جديدة يوفر لك فرصة للتواصل مع الآخرين والتعرّف على أشخاصٍ جدد من جهة، كما يساعدك على تنمية الإبداع من جهة أخرى، فيمكنك مثلاً تعلّم الطهي، لتبدأ بعدها بطهي وجبة لذيدة ومشاركة جيرانك أو أفراد أسرتك بها.[٧]


كيف نقي أنفسنا من الشعور بالوحدة؟

فيما يلي بعض الطرق التي تساعدك في وقاية نفسك من الشعور بالوحدة:[٤]

  • احرص على ممارسة الأنشطة المتنوعة وضمّنها في حياتك اليومية، كالقراءة، أو العزف، أو الرسم، وغيرها.
  • مارس الرياضة، فهي تحسّن من الصحة العقلية وتحسّن المزاج ممّا يقي من الشعور بالوحدة.
  • اقضِ بعض الوقت في الطبيعة، إذ إنّ أشعة الشمس والهواء الطلق يساعد في زيادة هرمون السيروتونين في الجسم، ممّا يحسّن من المزاج، ويمكنك ممارسة أنشطة جماعية في الهواء الطلق كعمل مسيرة جماعية أو رياضة جماعية فذلك له فائدة أكبر في تحسين المزاج والوقاية من الوحدة.
  • اهتم بصحتك، فقد يكون قلّة النوم، أو تناول أطعمة غير صحية، أو قلّة النشاط البدني، هي ما يسبب الخمول والرغبة في البقاء وحيداً، لذا حاول أن تُحدث تغييرات إيجابية على نمط حياتك بحيث تحسّن من صحتك، كأخذ قسط كافٍ من النوم بما يقدّر بنحو ثماني ساعات لكلّ ليلة، وممارسة الرياضة يومياً لمدة ثلاثين دقيقة تقريباً، وتجنّب تناول الأطعمة غير الصحية، والاهتمام بتناول الخضار والفواكه ممّا يزيد من طاقتك ويحسّن من نظرتك الإيجابية نحو الأشخاص والحياة عموماً.[٨]
  • امتلك حيواناً أليف واعتني به -في حال كنت من محبي الحيوانات ولا تجد المانع في اقتنائها-، فإذا لم ترغب في قضاء وقتك مع الآخرين فيمكنك شراء حيوان أليف كقطة أو كلب أو طائر معين والاعتناء به وقضاء وقتك برعايته، فذلك يساهم في الوقاية من الوحدة.[٨]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث Kendra Cherry (23/3/2020), "The Health Consequences of Loneliness", www.verywellmind.com, Retrieved 4/4/2021. Edited.
  2. Sarvada Tiwari (12/2013), "Loneliness: A disease?", www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved 4/4/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "WHAT ARE SOME CAUSES OF LONELINESS?", www.webofloneliness.com, Retrieved 4/4/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث Crystal Raypole (25/6/2019), "Is Chronic Loneliness Real?", www.healthline.com, Retrieved 4/4/2021. Edited.
  5. Tchiki Davis (18/2/2019), "Feeling Lonely? Discover 18 Ways to Overcome Loneliness", www.psychologytoday.com, Retrieved 5/4/2021. Edited.
  6. ^ أ ب Robert Porter (21/12/2020), "7 Tips For How To Deal With Loneliness | The Steps to Conquer The Thought "How To Deal With Loneliness"", www.betterhelp.com, Retrieved 4/4/2021. Edited.
  7. Chloe Carmichael (31/3/2021), "How to Deal With Loneliness", www.wikihow.com, Retrieved 5/4/2021. Edited.
  8. ^ أ ب Donna Novak (25/2/2021), "How to Avoid Loneliness", www.wikihow.com, Retrieved 5/4/2021. Edited.