يعرّف الاكتئاب على أنّه شعور نفسي يعكّر المزاج، بحيث يجعل الشخص يشعر بالحزن العميق لمدة معينة، وعدم الرغبة في ممارسة الأنشطة اليومية المعتادة، والتي قد تؤثر على عدة جوانب أخرى، كالشعور، والتفكير، والسلوك، كما يمكن أن يترافق الاكتئاب مع بعض الأعراض الجسدية كالشعور بالألم مثلاً، وقد يكون حالةً عابرة ونوبة طارئة تمر بسهولة، أو عكس ذلك، وفي هذا المقال سنتحدث عن أنواع الاكتئاب، وأسبابه، وأعراضه، وعن الطرق الصحيحة للتعامل معه.[١]


أنواع الاكتئاب

لا يقتصر الاكتئاب على نوع معين، بل هناك عدّة أنواع تندرج تحت هذا الشعور النفسيّ، ومن هذه الأنواع:[٢][٣]

  • الاضطراب الاكتئابي الرئيس: عادةً ما يُقصد بهذا النوع عند الشعور بالاكتئاب في الغالب دون الإشارة لنوعه المحدّد.
  • الاضطراب الاكتئابي المستمر: تكون أعراض هذا النوع عادةً أقل حدة من النوع الرئيس، لكنّه يكون مزمنًا بحيث أنّه قد يمتد لسنتين من الزمنِ.
  • اضطراب ثنائي القطب: وفي هذا النوع يكون هناك تأرجح بين أعراض الاكتئاب والحزن والكسل والخمول، وما بين الإقبال على الحياة بشكل حماسي مبالغ فيه.
  • الاضطراب العاطفي الموسميّ: وهو من أنواع الاكتئاب التي تصيب بعض الأفراد في فصول السنة خاصة التي يطول فيها الليل، ويقصر فيها النهار، ويقل فيها التعرض للشمسِ، كفصل الشتاء.
  • الاكتئاب الذُهاني: ويترافق مع هذا النوع من الاكتئاب أعراض ذهانية، ويقصد بالأعراض الذهانية، التهيؤات والهلوسات السمعية والبصرية، والقناعات الغريبة، والشك الزائد، وهذا النوع قد يترافق مع مرض الانفصام.
  • الاكتئاب غير النمطي: وفي هذا النوع من الاكتئاب يمكن للشخص أنْ يتفاعل مع الأحداث السعيدة بشكل إيجابي، لكنّ الحزن والتحسس من الانتقادات يغلب كشعور على الشخص، وهنا تظهر بعض الأعراض بشكل أكبر عن غيرها، كالشره في تناول الطعام، أو زيادة ساعات النومِ.
  • أنواع أخرى:
  • اكتئاب ما قبل الدورة الشهرية.
  • اكتئاب ما بعد الولادة.
  • الاكتئاب بعد فقدان شخص عزيز، وهذا النوع من الاكتئاب يُشخّص بعد مرور المدّة الزمنية المحددة للتأقلم مع ألم الفقدان، بحيث لا يتمكن الشخص من معاودة ممارسة أنشطته اليومية كالمعتاد، وعدم القدرة على استعادة الرضا بالحياة.


أسباب الاكتئاب

لا يُعزى مرض الاكتئاب لسبب واحد، فلم يتوصل العلم بعد إلى سببٍ معيّن، وإنما أثبتت الدراسات أن هناك مؤثرات مختلفة تساهم بطرق إما مباشرة أو غير مباشرة، لتؤدي في النهاية إلى ظهور أعراض الاكتئاب، ومن هذه الأسباب:[٤][٥]

  • التباين البيولوجي: وهنا يعني الاختلاف في كيمياء الدماغ بين البشر، فهناك ما يسمى بالنواقل العصبية، والتي قد تختل إما في الكمية، أو في الوظيفة، فتؤثر على طريقة التفاعل مع الدوائر العصبية في الدماغ، التي من شأنها المحافظة على استقرار الحالة المزاجية، وقد كانت هذه النظرية مدعّمة بالتجارب الدوائية التي تمكنت من التصدي لهذه الاختلالات المؤدية لمرض الاكتئاب.
  • الهرمونات: وقد يرتبط تغير الهرمونات الفسيولوجي والطبيعي مثل عادة الطمث، والولادة وما بعد الولادة لمدة أسابيع وأشهر عند النساء، بالاكتئاب، ليس ذلك فحسب، بل أيضًا أثّر اختلال الهرمونات المرضي كمشاكل الغدة الدرقية والنخامية والكظرية، ووجد أنه عامل مساهم في مرض الاكتئاب في الدراسات المثبتة.
  • العوامل الوراثية: ولذلك يهتم الأطباء النفسيون عند أخذ السيرة المرضية من المرضى الذين يُرجّح أنهم يعانون من مرض الاكتئاب بسؤالهم عن أي حالات اكتئاب في أفراد العائلة من الدرجة الأولى، لأن هناك علاقة جينية معقّدة تساهم في الإصابة بالاكتئاب.
  • العوامل البيئية: فضغط الحياة، والشعور المزمن بالتوتر، والتعرض للتعنيف والإهمال، والعيش في بيئة فقيرة، كلها عوامل تساهم في الإصابة بالاكتئاب وتفاقم الأعراض.
  • الأمراض المزمنة: كأن يشخص الفرد بمرض خطير كالسرطان، أو شعور الفرد بالآلام الشديدة والتي يصعب الشفاء منها، كالسكري وأمراض القلب، التي تؤدي لشعور الفرد بفقدان الأمل، وبالتالي الاكتئاب.


أعراض الاكتئاب

اعتمد الأطباء النفسيون الإصدار الحديث (DSM5) لتشخيص مرض الاكتئاب الجسيم أو الرئيس في حال توافَر خمسة أو أكثر من أصل تسعة أعراض، لمدة أسبوعين فأكثر من الأعراض التالية، بشرط أن يتضمن على الأقل إمّا وجود المزاج المكتئب، أو فقدان الاهتمام والمتعة، وأن تتسبب هذه الأعراض بإعاقة الفرد عن قدرته على أداء مهامه اليومية بشكل طبيعي، شرط أن لا تكون الأعراض الظاهرة مصاحبة لحالة نفسية أخرى، أو مرض صحي آخر، وتشمل هذه التسعة أعراض وعلامات:[٦][٧]

  • المزاج المكتئب في أغلب ساعات اليوم، وبشكل يومي تقريبًا.
  • فقدان الشعور بالمتعة بالأنشطة التي كان الفرد يستمتع في أدائها، أو عدم الرغبة بالقيام بها من الأصل.
  • اختلالات النوم، إما الأرق، أو النوم بشكل مفرط ولساعات طويلة في النهار.
  • الشعور بالتعب أو قلة الطاقة بشكل يومي تقريبًا، مما يعجز الشخص عن أداء المهام بشكل سلس، ويجعله متململاً.
  • الشعور بقلة الأهمية، وتأنيب الضمير، وفقدان القيمة الذاتية.
  • تغير الشهية تجاه الطعام، فإما أن تكون مسدودةً، أو أن يشعر الشخص بالنهم لتناول الطعام، وبشكل منطقي تترافق تغيرات الوزن مع تغيرات الشهية هذه.
  • قلة القدرة على التركيز والتفكير بشكل منظم في شؤون الحياة.
  • حالة من التهيّج، كسرعة الغضب والحركات المتكررة والاستثارة الواضحة، أو نقيض هذه الحالة والتي تشمل التململ وعدم الرغبة في الحركة والتخلف الحركي النفسي.
  • التفكير المتكرر بالرغبة في الموت إمّا كأفكار فقط، أو بوضع خطط للانتحار، أو من خلال محاولة الانتحار الفعلية.


كيف نتعامل مع مرض الاكتئاب؟

لا يجب إهمال الأمراض النفسية، فهي كغيرها من الأمراض، يجب أنْ يتم التعامل مع هذا الشعور بحرص، حتى لا تتفاقم أعراضه، وتتدهور الحالة للأسوأ، وفي الآتي بعض النصائح التي تخدم ذلك:[٨][٩]


التعامل مع الذات عند الشعور بالاكتئاب

  • تغيير نمط الحياة: فالروتين والتقاعس عن العمل، يزيدان من الأعراض السلبية المصاحبة لمرض الاكتئاب، ويزيدان المرض سوءًا.
  • اتباع نظام حياة صحّي:
  • ممارسة الرياضة وخاصة تلك التي تمارس في الهواء الطلق والتي تنمي حس التأمل، وتساعد على الاسترخاء.
  • تناول الأغذية الصحية الغنية بالبروتينات، وينصح أخصائيو التغذية بتناول الشوكولاتة باعتدال وخاصةً الداكنة التي تحتوي على تركيز عالٍ من الكاكاو، فهي تحسّن المزاج، كما ويجب الاهتمام بالتقليل من تناول الدهون، وشرب القهوة.
  • مراجعة الطبيب: فالطبيب النفسي المختص وحده هو من يقوم بالتشخيص، ووصف العلاج المناسب من أدوية وعلاجات أخرى مرافقة، كالعلاج المعرفي السلوكي، والعلاجات الأعقد في الحالات المستعصية.


التعامل مع شخص مقرب عند مرضه بالاكتئاب

  • ثقف نفسك بالمرض، وتعلم كيفية التعامل معه بشكل صحيح، واحذر من التقليل والانتقاص من أي عرض يشعر به المريض.
  • استمع للمريض وتفاعل معه، وحاوره بشكل لائق، محاولًا بذلك إعادة إحساس الشخص بالقيمة الذاتية والسعادة.
  • لا تحاول تقديم الانتقادات السلبية، أو النصائح القاسية، أو توجيه الاتهامات، أو إشعار المريض بالذنب.
  • ابحث معه عن طبيب نفسي جيّد يرتاح له المريض ويتفهّم حالته.
  • تابع التزام المريض بأدويته، وساعده في إتمام العلاجات النفسية المرافقة بشكل صحيح.
  • اهتم بنفسك ولا تهملها، حتى لا تتفاقم مشاكل الشخص الذي يعاني من اكتئاب، فتصعّب بذلك عليه ظروف البيئة المحيطة.


المراجع

  1. "Depression (major depressive disorder)", mayo clinic, Retrieved 19-4-2021. Edited.
  2. "Depression Symptoms & Types", Webmed, Retrieved 19-4-2021. Edited.
  3. "Six common depression types", Harvard Health Publishing, Retrieved 19-4-2021. Edited.
  4. "Depression Symptoms and Warning Signs", HelpGuide.org Logo, Retrieved 19-4-2021. Edited.
  5. Smitha Bhandari (8-3-2021), "Causes of Depression", webmed, Retrieved 19-4-2021. Edited.
  6. Julia Thomas (19-5-2020), "What Are The DSM 5 Depression Criteria?", better help, Retrieved 19-4-2021. Edited.
  7. Jerry L Halverson (6-8-2020), "Depression Clinical Presentation", medscape, Retrieved 19-4-2021. Edited.
  8. "Helping Someone with Depression", HelpGuide., Retrieved 19-4-2021. Edited.
  9. Timothy J. Legg (29-5-2019), "How to Help a Depressed Friend", healthline, Retrieved 19-4-2021. Edited.