إن احترام الذات وتقديرها جزء أساسي من رحلة النجاح، فالنجاح يحتاج إلى القوة والثقة في النفس، والقدرة على اتخاذ القرارات، والشخص الذي لا يُقدّر ذاته قد يتملّكه شعور بالفشل والهزيمة، يصل إلى حد الاكتئاب، ومن جهة أخرى، فإن الشخص الذي يبالغ في تقديره لذاته قد يصل إلى اضطراب الشخصية النرجسية؛ بسبب شعوره الدائم بالحاجة إلى إعجاب الآخرين به، فإذًا كيف يمكن الوصول إلى نقطة التوازن في تقدير الذات؟ وما هي العوامل المؤثرة في تقدير الذات؟ وهل هناك خطوات تساعد على تعزيز تقدير الذات؟ كل هذه الأسئلة، إضافة إلى توضيح معنى تقدير الذات، وأمثلة على تقدير الذات المرتفع والمنخفض، ستجدها في هذا المقال.[١]


ما هو تقدير الذات؟

تقدير الذات هو مصطلح يُعبّر به عن شعور الشخص بقيمته، ويعرّفه خبير تقدير الذات موريس روزنبرج (Morris Rosenberg) على أنه الموقف الذي يتخذه الإنسان تجاه نفسه، فإما أن يتخذ موقفًا إيجابيًا أو سلبيًا، تبعًا لمجموعة من العوامل المؤثرة: كالأفكار، والجينات، والشخصية، والعمر، والتجارب، والصحة، والظروف الاجتماعية المحيطة، وردود أفعال الآخرين، ويمكن للإنسان أن يطوّر من نسبة تقديره لذاته باتّباع بعض الخطوات التي سيأتي بيانها لاحقًا.[٢]


ما أثر تقدير الذات على حياتنا؟

وفيما يلي توضيح لأهمية تقدير الذات:

  • التمتع بطاقة تحفيزية داخلية عالية: يتمتّع الشخص الذي يقدّر ذاته بطاقة تحفيزية عالية تمكّنه من استكشاف نفسه، والسعي خلف أهدافه، والتعامل مع مختلف التحديات، كما يؤثّر تقدير الذات على خيارات الإنسان وقراراته في الحياة، فالشخص الذي لا يقدّر ذاته يميل إلى ترك الأهداف، ظناً منه بأنه لا يستحق النجاح.[٣]
  • الاهتمام بالنفس ورعايتها: ولتقريب الصورة، عندما يقدّر شخص ما شيئًا مثل سيارته، فإنه يهتم بتنظيفها، وتزيينها، ويختار لها مكانًا لائقًا، والشيء نفسه يحدث مع الشخص الذي يقدّر ذاته، فتراه يهتمّ بها ويقدّرها ويرعاها.[٣]
  • تحديد نقاط القوة والضعف: فالشخص الذي يحترم ذاته ويقدّرها، قادر على إدراك نقاط قوته ونقاط ضعفه بعيدًا عن المؤثرات الخارجية، الأمر الذي يجعله واثقاً من نفسه ولديه القدرة على تجاوز الصعوبات والبدء من جديد.[٤][٥]
  • خوض تحديات جديدة: إن الشخص الذي يقدّر ذاته لديه طاقة لتجربة أشياء صعبة، وخوض تحديات جديدة.[٥]


العوامل التي تؤثر في تقدير الذات

إضافة إلى العوامل التي سبق ذكرها عند تعريف تقدير الذات، إليك عوامل أخرى قد تؤثر في تقدير الإنسان لذاته:

  • الطفولة: إن الأشخاص الذين تقابلهم خلال طفولتك، سيؤثرون فيك وفي مستقبلك، ومن ضمن ذلك سيؤثرون في تقديرك لذاتك، فمثلًا الأطفال الذين نشأوا في بيئة أُسرية غير مترابطة أو مستقرة، قد تنخفض ثقتهم بأنفسهم، وينخفض أيضًا تقديرهم لذواتهم، وعادة ما يرافقهم ذلك طوال عمرهم.[٦]
  • بيئة العمل والدراسة: يقضي الإنسان وقتًا طويلًا في أماكن العمل والدراسة، لذلك فإن تعرضه لمواقف وتحديات مؤذية ومرهقة نفسيًا، ستؤثر في تقديره لذاته، ومن جانب آخر فقد تؤثر البيئة العملية أو بيئة الدراسة إيجابيًا على الفرد عندما تشجعه على الإنتاج والنمو والتقدّم.[٦]
  • المجتمع: يفرض المجتمع على الإنسان توقعات معينة قد تكون ضاغطة في كثير من الأحيان، مثلاً متى يجب أن تتزوج؟ وماذا يجب أن تعمل؟ وما شكل الملابس التي يجب أن ترتديها؟ وعليه فهذه التدخلات والضغوطات قد تقلّل من تقدير الإنسان لذاته، وقد تسبب له التعاسة أيضًا.[٧]
  • الأشخاص المحيطون بك: ويُقصد بذلك عائلتك، أو الأصدقاء، أو شريك حياتك، فكر في هؤلاء الأشخاص، هل يدعمونك؟ وهل تأثيرهم إيجابيّ عليك؟ إذا كان كذلك استمر وإلا، فيمكنك إخبارهم بأنك تريد علاقات إيجابية وداعمة، وتذكّر أنّك عندما تكون محاطًا بأشخاص واثقين من أنفسهم، ومحبّين، ولديهم نمط حياة صحي، فإنّ ذلك سيؤثّر عليك، وستكون أكثر سعادة.[٧]
  • الإعلام: لوسائل الإعلام تأثير لا يستهان به على تقدير الإنسان لذاته، لأن كل فيلم تشاهده، وكل صورة تُعرض أمامك على وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى المقالات التي تقرؤها، والإعلانات التي تظهر لك خلال التصفح جميعها تؤثر على مستوى تقديرك لذاتك، وذلك من خلال رسائل ظاهرة أو خفية، فمثلًا عندما يُروَّج لإعلان مواد تجميلية تظهر فيه امرأة تستخدم منتجاً تجميلياً على بشرتها وهي سعيدة مع أصدقائها، فهذا الإعلان سيرسل إليك رسالة مفادها (لكي تكون سعيدًا عليك أن تشتري هذا المُنتَج).[٧]


علامات تشير إلى ارتفاع تقدير الذات

وفيما يلي بعض الصفات التي تدل على أنّك تتمتع بتقدير ذات مرتفع صحيّ:

  • النظرة الإيجابية للحياة، والشعور بالثقة بالنفس، من خلال معرفة نقاط القوة ونقاط الضعف وتقبلها.[١]
  • التعبير بوضوح عن الاحتياجات والرغبات، مع القدرة على قول (لا) عندما يتطلّب الموقف ذلك.[١]
  • البعد عن الخوض في تجارب سلبية ماضية.[١]
  • تقبّل النقد والاعتراف بالأخطاء.[٢]
  • الانسجام بين الأقوال والأفعال وحتى نبرة الصوت ولغة الجسد.[٢]
  • قبول التحديات والمغامرات والتعلّم من الفشل.[٢]
  • تقبّل الآخرون كما هم دون الرغبة في تغييرهم، وعدم مقارنة النفس بالآخرين.[٢]
  • إظهار الفضول ومناقشة الأفكار.[٢]
  • التوازن بين العمل والمرح والراحة.[٢]


علامات تشير إلى تدني تقدير الذات

وفيما يلي بعض الصفات التي تدل على تدني تقدير الذات:

  • النظرة السلبية للحياة، وعدم تقبل التفاعلات وردود الفعل الإيجابية.[١]
  • التركيز على نقاط الضعف كالخجل والاكتئاب والتوتر.[١]
  • عدم القدرة على التعبير عن الاحتياجات.[١]
  • الإفراط في التسامح حتى عند التعرض لسلوكيات غير مقبولة، لأنهم يشعرون بالخوف من خسارة الحب أو الصداقة.
  • البحث الدائم عن علامات القبول والرضا في وجوه الناس.
  • إهمال الصحة، والقيام بالممارسات التي تسبب الإيذاء للنفس، كالإفراط في التدخين، أو تناول الكثير من الطعام، وقد يصل الأمر إلى محاولة الانتحار.
  • عدم الرغبة في قبول التحديات والمحاولة بسبب ضعف الثقة في النفس.
  • مشاكل متكررة في العلاقات مع الناس.
  • الخوف الدائم من أحكام الناس.


خطوات تساعدك على تحسين شعورك نحو ذاتك

إليك بعض الخطوات العملية المساعدة على تقدير الذات:

  • حدد أفكارك السلبية: إن أول خطوة لتعزيز تقديرك لذاتك هي تحديد الأفكار والمعتقدات السلبية كأن تقول لنفسك "ليس عندي أصدقاء"، أو " أنا لستُ مؤهلًا لخوض هذا التحدي"، وبعدها ابحث داخل نفسك عن الإيجابيات التي تعارض هذه السلبيات وتذكرها دائمًا، كأن تقول:" لقد فزت بتحدٍ رياضي قبل سنتين فما المانع من خوض تجربة جديدة الآن؟".[٨]
  • اهتم بصحتك: اعتن بصحتك، وتناول الأطعمة الصحية المتنوعة، ومارس الرياضة، وخصص وقتًا لفعل النشاطات الممتعة، ولا تنسَ ممارسة أنشطة التأمل والاسترخاء كذلك.[٨]
  • حدد الأعمال التي تُجيدها: كل شخص لديه مهارة يجيدها ويبدع فيها، أو عملها باستمتاع، لذلك حدد الأعمال التي تجيدها وتحسّن مزاجك، كالرسم أو الطبخ أو حل الألغاز، فمن المهم أن تعرف نفسك.[٩]
  • كن لطيفًا مع نفسك: أحيانًا ينتقد الإنسان نفسه، أو يحاسبها على أمر ما، في هذه الأوقات تخيل أن أمامكَ صديقك، وأنك تريد نُصحه -لأن كلماتنا مع الآخرين على الأغلب ألطف من كلماتنا مع أنفسنا- ووجّه له نصيحة صادقة.[٩]
  • واجه مخاوفك: لا تجعل مشاعر التوتر والقلق والخوف تمنعك من خوض التحديات أو القيام بما تحبه، حدد مخاوفك وقم بمواجهتها.[٩]
  • قلّل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي: خصص وقتًا أطول لاكتشاف العالم من حولك، وابتعد عن قضاء أوقات طويلة أمام وسائل التواصل الاجتماعي.[٢]
  • اجعل أهدافك سرية: إن الاحتفاظ بأهدافك سرية والسعي من أجلها يزيد من فرصة تحقيقها، ويزيد نسبة شعورك بالرضا عنها.[٢]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ Kendra Cherry (30/9/2019), "Signs of Healthy and Low Self-Esteem", www.verywellmind.com, Retrieved 25/12/2020. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ Courtney E. Ackerman (31/10/2020), "What is Self-Esteem? A Psychologist Explains.", positivepsychology.com, Retrieved 25/12/2020. Edited.
  3. ^ أ ب "Why Self-Esteem is Important and Its Dimensions", www.mentalhelp.net, Retrieved 25/12/2020. Edited.
  4. 2008 - Proceedings/proc/p080527003.pdf "FACTORS AFFECTING SELF ESTEEM", www.conferencemgt.com, Retrieved 25/12/2020. Edited.
  5. ^ أ ب "Self-esteem", www.mind.org.uk, Retrieved 25/12/2020. Edited.
  6. ^ أ ب Jacqui (5/8/2018), "4 Factors That Can Affect Your Self-Esteem", www.clairebuck.com, Retrieved 25/12/2020. Edited.
  7. ^ أ ب ت "?what factors influence your self esteem", www.essenceofhealingcounseling.com, Retrieved 25/12/2020. Edited.
  8. ^ أ ب "Improving Self-Esteem ", www.skillsyouneed.com, Retrieved 25/12/2020. Edited.
  9. ^ أ ب ت "Raising low self-esteem", www.nhs.uk, Retrieved 25/12/2020. Edited.