هل شعرتَ يومًا بأنك قلق جدًا، أي تفكر في أمر ما ولا تستطيع إيقاف مخاوفك أو توترك حوله؟ وهل أنت من الأشخاص الذين مروا بأيام لم يناموا فيها، لأن عقلهم متمسك بفكرة ما ويكررها؟ وهل صادفتَ شخصًا يميل إلى السلبية ودائم التفكير في الماضي، والانتقاد لما حدث، والقلق مما سيحدث؟ يجدر بالذكر أنه من الطبيعي أن يفكّر الإنسان في المواقف التي يمر بها، ومن الطبيعي أيضًا أن يفكّر مليًّا قبل اتخاذ القرارات أو عند تقييم المواقف، ولكن التفكير الزائد والذي يعني التفكير في أمر ما بشكل مفرط ولمدة طويلة جدًا يعدّ مشكلة، وهذا المقال سيوضح العلامات الدالة عليه، بالإضافة إلى آثاره والجوانب الإيجابية له، وانتهاءً بتوضيح بعض الخطوات العملية التي تساعد في التخلص منه.[١]


العلامات الدالة على التفكير الزائد

كيف تعرف إذا كان لديك تفكير زائد أم لا؟ إليك بعض العلامات الدالة على ذلك:[٢]

  • صعوبة في اتخاذ القرارات: يحتاج اتخاذ القرارات إلى وقت من التفكير وهذا أمر طبيعي، ولكن كثرة التفكير والنظر بشكل مفرط إلى التفاصيل يعدّ أمراً مرهقاً، وقد يشكل عائقاً في اتخاذ القرارات.
  • انتقاد النفس على قرارات ماضية: قد تفكر كثيرًا في أنك أخطأت عندما اخترت وظيفة ما أو لأنك لم تبدأ بمشروع معين، ويمكن أن تعتقد أن حياتك ستكون أفضل لو حدث عكس ذلك، ولذلك ففي الوقت الذي يجب أن تنظر فيه إلى هذه الأخطاء لتتعلم منها، فإن التفكير الزائد فيها يعدّ نوعاً من أنواع تعذيب النفس.
  • التركيز على المشكلة بدلاً من الحلول: لتوضيح ذلك تخيل أن هناك عاصفة قادمة، ففي حال كنت من الأشخاص الذين يركزون على حل المشكلة فستقول: "سأجمع كل ما يمكنني جمعه حتى لا يتضرر من العاصفة"، أما إذا كنت من أصحاب التفكير الزائد فستقول: "ستكون العاصفة مخيفة، ولماذا يحدث معي دائماً أموراً سيئة كهذه؟ أو أتمنى ألا يتضرر منزلي، فأنا لا أستطيع مواجهة هذه المشكلة".
  • اجترار الأفكار السلبية، والشعور بالقلق وعدم القدرة على النوم: يُقصد بذلك أنك تجد نفسك تكرر محادثة ما في عقلك عدة مرات، أو تتخيل حدوث أشياء سيئة أكثر من مرة، وهذا الإفراط في التفكير سيقلقك وسيجعلك في حالة تفكير مستمرة للسيناريوهات المحتملة لأمر ما، كما ستشعر بأن عقلك في نشاط زائد لا يمكن إيقافه، وهذا قد يجعلك تشعر بالتعب والإرهاق في اليوم التالي؛ لأنك لم تنم جيدًا ليلًا.


آثار التفكير الزائد

يبين ما يأتي بعض آثار التفكير الزائد على الإنسان:[٣][٤]

  • الإضرار بالصحة الجسدية: يؤدي التفكير الزائد والقلق المزمن إلى إضعاف جهاز المناعة، مما يجعل الإنسان أكثر عرضة للعدوى والأمراض، إضافة إلى احتمالية ظهور بعض الأمراض الجلدية عليه، ويؤثر التفكير الزائد أيضاً سلباً على كل من الجهاز الهضمي، والقلب، والأوعية الدموية، وأجزاء المسؤولة عن تنظيم العواطف والمشاعر.
  • تأثّر مهارات التواصل الاجتماعي: إن التفكير الزائد، وتوقع ردود أفعال الآخرين على أنها سلبية، أو افتراض أنهم يمتلكون مشاعر كره تجاهك، قد يقودك إلى تفويت الكثير من الفرص الاجتماعية والصداقات.
  • الإضرار بالصحة النفسية: ينعكس القلق المفرط والتفكير الزائد سلبًا على الصحة النفسية للإنسان، ويمكن أن يصل إلى حد الاكتئاب، كما قد يسبب صعوبات في النوم.


الجانب الإيجابي للتفكير الزائد

عندما تسمع جملة "فلان مفرط في التفكير" أو "فلان يعاني من التفكير الزائد" يتراود إلى ذهنك أفكار سلبية فقط حول أسلوب حياته، وأن تفكيره سيقف حاجزًا بينه وبين التقدّم والتطوّر، ورغم ما سبق ذكره عن آثار التفكير الزائد، إلا أن هناك جوانب إيجابية له تتلخص في النقاط الآتية:

  • التخطيط للمستقبل: يميل أصحاب التفكير الزائد إلى التحليل والتنبؤ بسيناريوهات مستقبيلة متعددة بناء على المعلومات التي يجمعونها، وبشكل أكثر من أولئك الذين يعيشون الحاضر واللحظة فقط.[٥]
  • الاستعداد الدائم: يتميز الأشخاص الذين يفرطون في التفكير، ويضعون أمامهم كافة الاحتمالات حول المواقف التي ستمر بهم بأنهم دائمو الاستعداد للتعامل مع أي حدث، ولهذا السبب هم أقدر من غيرهم على تجاوز المواقف المختلفة بسرعة.[٥]
  • دقة الانتباه: يعد الشخص المفرط في التفكير أكثر صمتًا، ويتميز بامتلاكه دقة انتباه كبيرة، فهو يتعلّم كثيرًا من شخصيات وأفعال من حوله.[٦]
  • تحمّل المسؤولية: يُعطي الإفراط في التفكير انطباعًا بأنك شخص صادق وجدير بالثقة، ويمكن الاعتماد عليه لفعل الصواب.[٦]
  • القدرة على التعاطف وتقديم المشورة: يتمتع الأشخاص المفرطون في التفكير بقدرة على التعاطف مع الآخرين، وتقديم المشورة والمساعدة لهم.[٦]


حلول للتخلص من التفكير الزائد

يبين ما يأتي بعض الحلول التي ستساعدك للتخلص من التفكير الزائد:

  • أعرف الفرق بين وجود خطأ والخوف من ارتكابه: قد يُوهم الإفراط في التفكير الشخص بأن هناك خطأ ما، مع أنّ الحقيقة تكون بأنّ هذا ليس حدسًا، بل خوفًا من ارتكاب هذا الخطأ، مما سيجعل الشخص يواجه صعوبة في اتخاذ القرارات، ولكن من خلال التنفس العميق وإدراك مشاعرك ستتدرب على التمييز بين الحدس والخوف.[٧]
  • اسأل نفسك أسئلة تساعدك على إيجاد الحلول: إن طرح أسئلة مثل: لماذا أفكر كثيرًا؟ أو لماذا لست ناجحًا في علاقاتي؟ لن يقدّم لك حلًا، ولكن استبدال هذه الأسئلة بأخرى أكثر فائدة قد يساعدك في العثور على الحل، كأن تسأل نفسك ما الطاقة التي تجذب الأشخاص السلبيين حولي؟ مما سيسمح لك بتغيير سلوكك نحو الأفضل والسيطرة على تفكيرك.[٧]
  • تذكّر بأن الأفكار ليست حقائق: عندما تأتيك فكرة سلبية اسأل نفسك، هل هذه الفكرة حقيقية؟ وهل حدث هذا في الواقع؟ وما هو أسوأ احتمال يمكن أن يحدث؟ لأن الاعتقاد بأن الأفكار هي حقائق سوف يحجّم من الخوف من تلك الفكرة في عقلك.[٨]
  • فكر بالأنشطة التي تجلب لك السعادة: من أفضل الطرق لإبعاد عقلك عن اجترار الأفكار السلبية هي تشتيت انتباهه عن المشاكل وتوجيهه إلى التفكير بالأنشطة التي تجلب السعادة، مثل قراءة كتاب، وممارسة التأمل، والتحدث إلى صديق.[٨]
  • اطلب المساعدة عندما تحتاجها: قد تجدي النصائح نفعًا في التخلص من التفكير الزائد، ولكنك قد تحتاج أحيانًا إلى مساعدة من مختصين بحسب الحالة التي أنت عليها، ولذلك لا تتردد في طلب المساعدة خاصة عندما تعاني من إجهاد عاطفي كبير.[٨]
  • تعرّف على مصدر الأفكار السلبية التي تأتيك: مثلًا إذا كنت من الأشخاص الذين ينتقدون المحيطين بهم بشكل مبالغ به فلا تستسلم للأفكار السلبية التي تأتيك وتجبرك على التصرف على هذا النحو، بل توقف وفكر في مصدر هذه الأفكار، إذ يمكن أن تكون قد تعرضت للتعامل بشكل خاطئ في طفولتك، وحفظت ذلك في ذاكرتك، مما انعكس الآن على سلوكياتك مع غيرك، ولذلك فإن التعرف على مصدر الأفكار سيزيد من تعاطفك مع نفسك، كما سيساعدك على تصحيح سلوكك.[٩]


المراجع

  1. "Ready to clear your mind of unwanted thoughts?", www.tonyrobbins.com, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  2. Amy Morin (27/9/2020), "How to Know When You’re Overthinking", www.verywellmind.com, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  3. "6 health problems caused by overthinking", www.thehealthsite.com. Edited.
  4. "7 Dangerous Effects of Overthinking", www.psych2go.net. Edited.
  5. ^ أ ب KATIE ADCOCK (26/10/2015), "12 Hidden Benefits of Being an Over-Thinker That You Need to Realise", voolas.com, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  6. ^ أ ب ت Javannah Melissa Evans (21/12), "6 Reasons Why Overthinking Could Be Good", www.theodysseyonline.com, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  7. ^ أ ب "END THE CYCLE OF OVERTHINKING", www.tonyrobbins.com, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  8. ^ أ ب ت Farah Aqel (7/8/2020), "Trick your brain to stop worrying and overthinking", www.dw.com, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  9. PsychAlive, "Are You Overthinking Everything?", www.psychalive.org, Retrieved 27/12/2020. Edited.