العلاقة بين السعادة والعطاء

يعلم الكثير بأن العطاء يزيد من مستويات السعادة لدى الفرد، ويعطيهم شعورًا لطيفًا، أسموه في علم الاقتصاد السلوكي، بـ "التوهج الدافئ" (warm glow)، ولا يقتصر العطاء على إنفاق الأموال على الآخرين فحسب، بل يتمثل في التطوع في الأعمال الخيرية، التي تحتاج الوقت والجهد، أي أن العطاء يتمثل في تقديم الأعمال للآخرين على حساب مواردنا الشخصية، وهي الوقت أو الجهد أو المال.


دراسات حول العلاقة بين السعادة والعطاء

أُجريت دراسة عام 2008، طُلب فيها من مجموعة من المشاركين تقييم مستوى سعادتهم بعد إعطائهم ظرفًا يحتوي على 5 دولارات أو 20 دولارًا، وتخييرهم إما بإنفاق المال على أنفسهم، أو على شخص آخر، ووجد الباحثون أن المشاركين الذين أنفقوا المال على شخص آخر كانوا أسعد من المشاركين الذين أنفقوا المال على أنفسهم، وفي نفس الوقت طُلب من مجموعة منفصلة التنبؤ بنتائج التجربة، حيث تنبأ معظمهم أن المشاركين الذين سينفقون المال على أنفسهم سيكونون أكثر سعادة، وهذا ما نفته الدراسة، حيث وصلت إلى نتيجة مفادها أن "إنفاق الأموال على الآخرين يمكن أن يساهم بفاعلية في زيادة سعادة الفرد".[١]


وفي عام 2017، أجرى الباحثان فيليب توبلر وإرنست فير، من قسم الاقتصاد في جامعة زيورخ (UZH) في سويسرا، بالتعاون مع باحثين دوليين آخرين، دراسة تهدف إلى فهم العمليات التي تجري داخل دماغ الشخص عندما يقدم شيئًا للآخرين، أو عندما يكون معطاءً، حيث شارك بها 48 شخصًا، تم إعطاؤهم مبلغًا من المال، ثم قُسموا إلى مجموعتين، طلبوا من المجموعة الأولى إنفاق المال على الآخرين، ومن المجموعة الثانية إنفاق المال على أنفسهم، ثم شرع الباحثون في دراسة الخريطة العصبية لرؤية العلاقة بين العطاء وزيادة مستويات السعادة، ودراسة التركيب العصبي للعطاء والسعادة بشكل منفصل، حيث ربطت الأبحاث العطاء والإيثار وأداء الأعمال الخيرية بالنشاط في التقاطع الصدغي الجداري (TPJ)، حيث يجتمع الفص الصدغي والجداري معًا، وربطت السعادة بتنشيط المخطط البطني، والذي ثبت أنه يلعب دورًا في نظام المكافأة في الدماغ، مما يمنحنا الشعور بالرضا عندما نكون معطائين، ثم استخدموا التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) لاختبار التفاعلات المحتملة بين هاتين المنطقتين من الدماغ للمشاركين الذين طُلب منهم إنفاق الأموال على الآخرين.[٢]


وأكدت الدراسة تفاعل المخطط البطني والتقاطع الصدغي الجداري (TPJ) عند قيام المشارك بسلوك معطاء (كإنفاق الأموال على غيره)، وأشارت النتائج أيضًا إلى تفاعل القشرة الحجاجية الأمامية، وهي منطقة من الدماغ مرتبطة باتخاذ القرار.[٢]


آثار العطاء على الإنسان

للعطاء عدة آثار جيدة على مستوى الفرد والمجتمع، منها:[٣]


رفع مستويات السعادة للفرد والمجتمع

بحسب الدراسات التي أُجريت على العلاقة بين السعادة والعطاء، أشارت النتائج أن إلى تفاعل المناطق المسؤولة عن السعادة في الدماغ، وعلى إفرازه مواد كيميائية تمنحنا إحساسًا بالسعادة والسلام، أيضًا يساهم العطاء في رفع مستويات سعادة من حولك، فحين نُعطي (الأموال، الوقت، الكلمات التشجيعية) نرفع من معنويات من حولنا، ونساعدهم على خوض الحياة بروح شجاعة.


مقاومة الأمراض المزمنة والاكتئاب

يقلل العطاء مستويات التوتر لدى الإنسان، إذ يعد التوتر أحد أهم الأسباب لكثير من الأمراض المزمنة، على سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت عام 2013م من جامعة كارنيجي ميلون (Carnegie Mellon University) إن الأشخاص الذين يتطوعون لمدة أربع ساعات تقريبًا في الأسبوع أقل عرضة بنسبة 40% للإصابة بارتفاع ضغط الدم مقارنة بالأشخاص الذين لا يتطوعون، أيضًا وجد الباحثون في Project MATCH، وهي تجربة علاجية لإدمان الكحول، أن مدمني الكحول يضاعفون فرص نجاحهم في التخلص من إدمانهم، حين يقدمون المساعدة للآخرين.

المراجع

  1. "Does Giving Make You Happier? Or Do Happier People Give?", usu, Retrieved 14/9/2022. Edited.
  2. ^ أ ب "Generosity makes you happier", medical news today, Retrieved 14/9/2022. Edited.
  3. "Why Giving Makes You Feel So Good", ramseysolutions, Retrieved 14/9/2022. Edited.