مفهوم جلد الذات

يشير مفهوم جلد الذات (Self-hatred) إلى نقد الذات بصورةٍ شديدة، ممّا يجعل الشخص يكره نفسه، ويشعر بأنّه بلا قيمة، ولا يستحق الحصول على أيّ شيء جيد في حياته، ويمكن تشبيه سمة جلد الذات بوجود شخصية متنمرة تعيش داخل الفرد، وتجعله ينتقد نفسه باستمرار، وتشعره بأنّه يتّصف بصفات سيئة؛ كالقبح، أو اللئم، أو الفشل، ويمتد هذا الشعور حتى يعتقد الشخص أنّ الآخرين أيضاً ينظرون إليه بنفس الطريقة التي يشعر بها تجاه ذاته، ممّا ينعكس على حياته سلباً، ويجعله يشعر بالقلق والتوتر.[١][٢]


العوامل التي تجعلنا أكثر عرضة لجلد الذات

يوجد العديد من العوامل التي تجعل الشخص أكثر عرضة لكره نفسه واكتسابه لصفة جلد الذات، ومنها ما يأتي:[١]

  • الصدمة: إنّ التعرُّض لمواقف مؤلمة وصعبة في الماضي -كالإساءة أو الإهمال العاطفي أو الجسدي- لها دور واضح في كراهية الشخص لنفسه، فالطفل الذي تعرّض لإحدى تلك المواقف سيبدأ بالخوف من الأشخاص المحيطين به، وسيشعر بعدم الأمان في حياته، كما سيقتنع بأنّه دون قيمة، ولا يستحق الحب والاهتمام من الآخرين لينشأ على هذه الأفكار.
  • اعتماد أسلوب السيطرة في التربية: تتأثر التصوّرات الذاتية للطفل تبعاً لأساليب الأبوة المتّبعة في تربيته، فإذا شعر بأنّه مرفوض من قبل والديه، ويتم انتقاده بشكلٍ كبير فإنّ ذلك سينعكس على تصوّراته الذاتية، وسيشعر بأنّه ذو قيمة متدنية، وسيبدأ بانتقاد نفسه بنفسه.[٣]
  • التوقعات الخاطئة وغير الواقعية: قد يضع البعض أحياناً توقعات عالية يصعب تحقيقها، ما يزيد من شعورهم بالفشل، وبالتالي ازدياد نقدهم لذواتهم وشعورهم بالخيبة وبكراهية أكبر لأنفسهم.
  • المقارنة مع الآخرين: قد يقارن الشخص نفسه بالأشخاص الناجحين، مع مراقبة أفعالهم وإعطاء قيمة كبيرة لها وتفضيلها على أفعاله نفسه، وبالتالي التقليل من قيمته وتعزيز كراهيته لذاته.
  • محاولات إرضاء الآخرين: قد يشعر البعض بضرورة إرضاء الجميع وتلبية توقعاتهم واحتياجاتهم ليكونوا سعداء أثناء تواجدهم معهم، وفي حال فشلوا في ذلك فقد تصيبهم خيبة أمل، فيلومون أنفسهم ويحملون أنفسهم الخطأ كله، مما يجعلهم يشعرون بأنّهم غير محبوبين، ولا يستحقون الاحترام من قِبل الآخرين.
  • التعرض للنقد واللّوم والتجاهل العاطفي بشكلٍ مزمن: إذ إن تكرار التعرّض لتلك الأمور سيجعل الشخص يشعر بالفشل أو الضعف، إلى جانب إحساسه بالذنب والخجل من أخطائه، وسيقتنع بأنّ تلك الصفات السلبية تنطبق عليه حتى تصبح تلقائية لديه.[٣][٤]


آثار جلد الذات

يؤثر جلد الذات على العديد من الجوانب الحياتية للفرد، وفيما يأتي بعض من آثاره:[١]

  • العلاقة مع الذات: يقلّل جلد الذات من احترام الفرد لذاته، ويجعله ينظر إلى نفسه من منظور سلبي بحيث يشعر بأنه قليل الشأن.
  • التأثير على العمل: عندما يشعر الفرد بأنّه ذو شأنٍ قليل أو غير قادر على تلبية متطلّبات العمل والتعاون مع الآخرين فسيشعر بالإحباط، وبالتالي سينخفض مستوى أدائه في العمل.
  • الأوضاع الاجتماعية: يصعُب على الشخص الذي يعاني من جلد الذات تكوين الصداقات والحفاظ عليها، وذلك بسبب أفكاره السلبية حول نفسه، وعدم استعداده لمقابلة أشخاص جدد لتجنّب التعرُّض لأيّ نقد.
  • العلاقات الأسرية: توصف العلاقات الأسرية لمن يعاني من جلد الذات بأنّها معقّدة بشكلٍ كبير، وخاصّةً عندما تكون الأسرة هي السبب المباشر وراء كراهية الفرد لذاته، وعندما يضطر هذا الفرد للتعامل مع الأفراد الذين كان لهم دور في كراهيته لذاته، فسيشعر بالإحباط والضيق، وسيلجأ إلى التهرّب منهم، ومن ذكرياته المؤلمة.
  • العلاقات العاطفية: يحاول الفرد الذي يعاني من جلد الذات الابتعاد عن العلاقات العاطفية، وذلك بسبب شعوره بنقص القيمة، وخوفه من إدراك الشخص الآخر لعيوبه، ممّا يجعل العلاقات العاطفية أكثر تعقيداً بالنسبة له.
  • الحالة النفسية: يعيق جلد الذات من احترام الفرد لنفسه، كما يقلّل من إيمانه بنفسه وقدراته الشخصية وشعوره براحة البال، وذلك بسبب اعتقاده بأنّ الآخرين ينظرون إليه بنظرة عدوانية وسلبية وناقدة.[٣]


الطرق التي تساعد على التخلُّص من جلد الذات

في الآتي بعض النصائح التي ستساعد في التخلُّص من جلد الذات:[٥]

  • تحمُّل المسؤولية: أن تحمُّل المسؤولية وعدم إلقاء اللّوم على الآخرين يزيد من قدرة الشخص على تقبُّل أخطائه والاعتراف بها، وذلك يساهم في تطوير الذات وعدم كراهية الشخص لنفسه.
  • حب الذات: يساعد التفكير الإيجابي للشخص والتركيز على صفاته الجيدة على تقبّله لنفسه وزيادة حبّه لذاته، لِذا يجب على كلِّ من يعاني من جلد الذات أن يحاول تغيير نقاط ضعفه إلى نقاط قوة، وأن يركز على الجوانب الإيجابية في شخصيته، ممّا يساهم في تنمية حبّه لذاته.
  • مواجهة الأفكار السلبية: إنّ تفكير الشخص بنفسه سلبياً مثل الاعتقاد بأنه فاشل يزيد من كراهيته لنفسه، لِذا لا بدّ من مواجهة ذلك التفكير وإعادة صياغته، ومثال ذلك؛ يمكن للشخص الذي يفكر بأنّه فشل في إنجاز عمل ما بأن يغيّر في تفكيره، ويحاول إقناع نفسه بأنّه لم يفشل، بل لم يكن موفقاً كثيراً في أداء ذلك العمل، فبالرغم من بساطة ذلك، إلّا أنّ التفكير بهذه الطريقة يقّلل من شعور الفرد بالإحباط والإرهاق.[٦]
  • فهم الفرد لمعتقداته الذاتية: إذ يساعد فهم الشخص لمعتقداته ومبادئه، وكل ما يؤمن به على فهم نفسه أفضل، وبالتالي التخلّص من كراهية الذات.[٧]
  • تقبّل بعض النقص: يمكن التخلّص من جلد الذات في حال تمّ تقبّل وجود بعض النقص أحياناً، وعدم السعي وراء الكمال التام، إذ من المتوقع ارتكاب الأخطاء، ولكن من المهم السعي وراء الاستفادة من هذه الأخطاء والسيطرة عليها.[٨]


المراجع

  1. ^ أ ب ت Jodi Clarke (2020-08-02), "How to Stop Your Self-Hatred", www.verywellmind.com, Retrieved 2020-11-25. Edited.
  2. "Self-hatred and destructiveness", mind.se, Retrieved 2020-11-25. Edited.
  3. ^ أ ب ت "Self-Criticism", www.goodtherapy.org, 2019-09-22, Retrieved 2020-11-25. Edited.
  4. Sharon Martin (2019-04-05), "How to Use Self-Compassion to Stop Blaming Yourself for Everything", blogs.psychcentral.com, Retrieved 2020-11-25. Edited.
  5. Matt Duczeminski, "How To Stop Self-Blaming And Start Forgiving Yourself", www.lifehack.org, Retrieved 2020-11-26. Edited.
  6. Timothy J. Legg (2019-07-30), "7 Ways to Shut the Door on Self-Hatred", www.healthline.com, Retrieved 2020-11-26. Edited.
  7. Peg Streep (2018-01-09), "Tackling Self-Blame and Self-Criticism: 5 Strategies to Try", www.psychologytoday.com, Retrieved 2020-11-26. Edited.
  8. "How to manage self-balm", www.exploretransform.com, Retrieved 2020-11-26. Edited.