كيفية النجاح في الحياة

يختلف مفهوم النجاح من شخص إلى آخر، فبعض الأشخاص عندما يفكرون في النجاح، فإنَّهم يتخيلون الثروة، وآخرون يريدون السلطة، والبعض يريد فقط أن يكون له تأثير إيجابي على العالم، لكن بغضّ النظر عمّا يعنيه النجاح بالنسبة لك، فمن المؤكّد أنَّه لن يتحقق بسهولة، وكثيرًا ما نسمع ونقرأ الكثير من النصائح حول كيفية تحقيق النجاح في الحياة، وفي هذا المقال سنسلّط الضوء على بعضٍ منها.^[١]

بناء عقلية قابلة للنمو

تشير بعضُ الأبحاث أنَّ هناك نوعان من العقليات التي تؤثّر على طريقة تفكير الأشخاص حول أنفسهم وقدراتهم، وهما: العقلية الثابتة، حيثُ يعتقد الأشخاص الذين يمتلكون هذه العقلية أنَّ ذكائَهم ومواهبَهم صفاتٌ ثابتة ومحسومة نهائيًا بمقدار معين، وأنَّها غير قابلة للتغيير والتطور، مما يعني لهم أنَّ النجاح ليس نتيجة العمل الجاد، بل هو ببساطة نتيجة المواهب الفطرية، أي أنَّ هذه المواهب إما أن يولد بها الشخص أو بدونها، وعليه فإنَّهم يميلون إلى الاستسلام بدلًا من مواجهة التحديات، فبمجرد ما يواجهون صعوبة ما، يتراجعون لاعتقادهم أنَّهم يفتقرون إلى المهارة الفطرية اللازمة للتفوق، أمَّا النوع الثاني فهو العقلية القابلة للنمو، حيثُ يعتقد أصحاب هذه العقلية أنَّ المواهب والقدرات بالإمكان تنميتها من خلال التدريب وبذل الجهد، وأنَّه يمكنهم التطور والنمو والتعلم، وهذا يعني أنَّهم أكثر عرضةً للنجاح، فعندما تصبح الأمور صعبة، تجدهم يبحثون عن طرق لتحسين مهاراتهم ومواصلة العمل للوصول للنجاح، فالاستسلام بالنسبة لهم خيار غير مطروح، وبناءً على ما ذكر فإنَّ أصحاب العقلية الثابتة يعتقدون أنَّ الاشياء خارجة عن السيطرة، أمَّا أصحاب العقلية المتنامية فهم يعتقدون أنَّهم هم من يتحكمون في حياتهم، ولبناء العقلية المتنامية يجب أن:^[٢]

• تصدق أنَّ جهودك مهمة: فتدريب العقل على التفكير بإيجابية يلعب دورًا أساسيًا في تحقيق النجاح، إذ يجب التخلّص من فكرة أنَّ لا فائدة من بذل الجهود وأنَّ القدرات ثابتة لا تتغيّر.
• تتعلم مهارات جديدة: فالخطوة الأُولى عند مواجهة تحدٍ من أي نوع كان هي البحث عن طرق لتطوير المعرفة والمهارات التي تُساعد في التغلب عليه وتحقيق الانتصار.
• تنظر للفشل على أنَّه تجارب تعليمية: فلا يجب أن يُنظر للفشل على أنَّه انعكاس للقدرات، يل يجب أن يُعد مصدرًا قيمًا للتجربة التي من خلالها يتحقق التعلم والتطور، مما يدفع الشخص إلى المحاولة مرة أُخرى لكن بطرق مختلفة.

تحديد الشغف

لكي يتمكّن المرء من تحقيق النجاح، لا بدَّ أن يحدّد ما يعنيه النجاح بالنسبة له، فقد يستغرق إدراك ما يريد القيام به في حياته سنوات عديدة، إلا أنَّ تحديد شغفه واهتماماته سيساعده على تحديد أهدافٍ واضحةٍ، ممّا يضيف إلي حياته إحساسًا بالمعنى، حيثُ يُمكنه من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية أن يعرف ما يريده بالضبط، وما هي الأشياء التي يجد نفسه بها:^[٣]

• كيف تريد أن تجعل مجتمعك مكانًا أفضل؟
• ماذا تريد أن يكون إرثك؟
• كيف تريد أن يتذكّرك الآخرون؟
• ما هي الموضوعات المفضّلة التي تهمك في حياتك؟ على سبيل المثال، ما هي الموضوعات التي استمتعت بدراستها في المدرسة، ولماذا أحببتها؟ فإذا كنت تحب المسرح الموسيقي مثلًا، اسأل نفسك هل أحببته لأنَّك تحب الموسيقى، أم لأنَّك تحب العمل ضمن روح الفريق للوصول إلى هدفٍ مشتركٍ؟

وضع قائمة بالأهداف وتحديد كيفية تحقيقها

عند كتابة قائمة الأهداف المُراد إنجازها، يجب تقسيمها إلى قسمين، أهداف قصيرة المدى وأهداف طويلة المدى، بحيث تكون هذه الأهداف شاملة ومتنوّعة، كالأهداف المادية، والأهداف المهنية، والأهداف الشخصية التي تختصّ بتطوير الذات، وأيضًا تشمل الأشياء التي يرغب الشخص بتجربتها، والأشياء التي يريد تعلمها، وبعد كتابة قائمة الأهداف، يتم التخطيط لسبل تحقيقها، بالإضافة إلى إدراج جدول زمني يوضح متى سيتم تحقيق كل هدف، وفي حال كان الهدف كبيراً، يجب تقسيمه إلى أهداف صغيرة، فعلى سبيل المثال، إذا كان هدفك هو زيارة كافة أنحاء العالم، فيُمكنك تحديد أهداف أصغر، كهدف توفير المال، وزيارة بلدان معينة، ومن الجدير بالذكر أنَّ التخطيط وحده ليس كافيًا ما لم يتم الالتزام بالتنفيذ، والتقيّد بالالتزامات، لذلك اكتب التزاماتك وثبّتها في مكان يُمكنك رؤيته في كل وقت، وتأكد من أنَّ التزاماتك تدفعك تدريجيًا نحو أهدافك، ولا تنسَ أن تراجع أهدافك بين الحين والآخر للتأكد من أنَّك تسير في الاتجاه الصحيح، هذا ويشار إلى ضرورة أن تقوم بفعل ما تقوله، فمثلًا إذا أخبرت شخصًا أنَّك ستفعل شيئًا ما، فافعله، وبالمقابل، لا تخبر أحدًا أنَّك ستفعل شيئًا إذا لم تكن متأكدًا من قدرتك على فعل ذلك.^[٣]

اتخاذ خطوات عملية استباقية

لو نظرنا إلى معظم الأشخاص الذين حققوا إنجازات في هذه الحياة لوجدنا أنَّ هذه الانجازات لم تأتِ لهم وهم جالسون في أماكنهم، بالعكس تمامًا، فهم مَنْ خرجوا وسعوا وبحثوا، وهذا ينطبق حرفيًا على كل شخص ناجح في الحياة، لذا كن شخصية استباقية، افعل الأشياء بشكل مختلف، ولا تخف من الخروج عن المألوف، فإذا كنت تستطيع التفكير في طريقة أفضل للقيام بشيء ما، فافعل ذلك، وإذا فشلت حاول مرارًا وتكرارًا، والأهم من ذلك، هو ألا تنتظر الوقت المثالي لاتخاذ إجراء لتحقيق أهدافك، افعل ما تريده الآن، وابتعد عن التسويف.^[١]

التركيز على الدوافع الجوهرية

يختلف الأشخاص من حيث ما يثير دوافعهم ويلهمهم، على سبيل المثال تُعد المكافآت الخارجية مثل الحصول على المال والجوائز والثناء أمر مفيد لبعض الأشخاص، يدفعهم للوصول إلى أهدافهم، في حين أنَّ البعض الآخر يجدون أنفسهم أكثر تحفيزًا عندما يفعلون أموراً من أجل الوصول للرضا الذاتي، أي يقومون بفعل ما يستمتعون به ويجدونه ذا مغزى، وآخرون قد يستمتعون برؤية تأثير أفعالهم فيمن حولهم، وقد أظهرت الأبحاث أنَّه في حين أنَّ الحوافز الخارجية يُمكن أن تحسن من الأداء، إلا أنّ الدوافع الذاتية تسهم في تحسين الأداء أكثر مقارنة مع الحصول على الحوافز، ومن الجدير بالذكر أنَّ الحوافز الخارجية غالبًا ما تدفع الناس إلى البدء، ألا أنَّ الدافع الذاتيّ هو ما يدفع الناس ويحافظ على استمرارهم في السعي نحو تحقيق أهدافهم، ويُمكنك أنْ تُعززَ من إحساسك بالدافع الجوهري من خلال:^[٢]

• تحدّي النفس: حيثُ إنَّ السعي وراء هدف يُمكن تحقيقه هو طريقة رائعة لزيادة الدافع للنجاح، وليس بالضرورة أن يكون هذا الهدف سهلًا، فالتحديات تُبقيك مهتمًا بمهمة ما، وتزيد من تقديرك لذاتك، وتزودك بالملاحظات حول الجوانب التي يجب العمل على تحسينها، وعليه سيساعدك اختيار مهمة صعبة بعض الشيء على تحفيزك للبدء، وستمنحك شعورًا بالحماس.
• كُنْ فضوليًا: ابحث عن الأشياء التي تجذب انتباهك وترغب في معرفة المزيد عنها.
• لا تخفْ من المنافسة: قد تواجه أشخاصًا يحاولون الوصول إلى نفس أهدافك، لكن هذا لا يعني أن تتراجع وتستسلم، بالعكس، يُمكنك أن تنظر للآخرين بحثًا عن الدافع والإلهام، ولكن تذكر أنَّ لكل شخص مسار مختلف عن غيره، لذا لا تقارن تقدّمك ورحلتك بتقدّم أيّ شخص آخر.