أفعالنا تترجم مكنونات أنفسنا، وتقودنا إلى تحقيق أهدافنا، وذلك حين نتحرر من تأثير كل من حولنا، ولأننا جزءٌ لا يتجزأُ من هذا العالم، صارت معظم أفعالنا ردودًا لأفعالٍ ومؤثراتٍ خارجية.

قد تضطرب نفوسنا حين نتفاعل مع ما يثير مشاعرنا ويحفز أفكارنا. فنضل عن السبيل لتحقيق مبتغانا.

ولأن الحياة فنون، وفن الرد أصبح من الضرورات لتهذيب الأفعال وتوجيه الأفكار والمشاعر نحو الأهداف.

نقدم لك هذا المقال حول فنون الرد على الآخرين:


أمور تؤخذ بعين الاعتبار قبل تعلم فن الرد

يكون الرد المناسب في المواقف المختلفة انعكاسًا لارتفاع مستوى الوعي لدى الشّخص وقدرته على التفكير بوضوح وتحديد الرد الأمثل خلال الموقف،[١][٢] وفي الآتي بعض النصائح التي تساعدك في ذلك:

  • ارفع مستوى وعيك الذاتي: إذ إنّ ذلك يجعلك قادرًا على مراقبة أفكارك ومشاعرك وإدراكها، الأمر ليس سهلا كما يبدو، فهو يحتاج منك إلى ممارسة التأمل وإيقاظ حواسك لزيادة إدراكك لما يدور حولك، وعليه فيمكنك تخصيص وقت خلال يومك للتنفس بعمق والسماح للهواء بأن يملأ رئتيك، واسترخِ واستشعر الهدوء والسكينة، ولو مرت ببالك أفكار مزعجة، لا تقاومها واتركها تمر بسلام، فأنت تقف مراقبًا لها فقط، وممارسة هذا التمرين باستمرار لعدة دقائق كفيل برفع وعيك الذاتي.[٣]
  • امتلك المرونة في التفكير: من خلال الوعي بأفكارك ستمتلك المرونة التي تساعدك على التناغم مع كل ما يدور حولك، فأنت قادر على تحويل الأمور المزعجة إلى أمور إيجابية من خلال تغيير طريقة تفكيرك بها، فمثلاً عند التعامل مع مدير يوجه لك الكثير من الأوامر، فذلك سيعلّمك الصبر، ويكسبك مهارات عملية أكبر، أما عند التعامل مع شخص يوجّه لك كلامًا محبطًا، فذلك سيؤكد لك نجاحك، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن تطبيق ذلك يتطلب ذكاءً في فهم الأمور وإعادة تقييمها، وبالممارسة ستجد أنك صرت أقدر على تغيير أفكارك.[٤]
  • اعمل على تطويع مشاعرك: فعندما تتداخل لديك المشاعر تجاه شخص ما، ويختلط عليك القرار لاختيار الأسلوب الأمثل للرد، طوّع مشاعرك تجاهه، فمشاعرك الغاضبة قد تجعلك تندفع في ردود تضرك لاحقا، ومشاعر الخوف والقلق لديك قد تفقدك القدرة على الرد المناسب، تذكر أنك أنت وحدك من تتحكم في مشاعرك تجاه الآخرين، حرّر نفسك من مشاعر الخوف وعدم الأمان، وتنفس بعمق، واستخدم عقلك وحكمتك في هذه المواقف.[٥]
  • حدّد هدفك من التواصل مع الآخر: عندما تظن أن الرد الذي يخطر ببالك مناسبًا أو مرضياً لمشاعرك، ولكنه لا يخدم هدفك، عليك ابتكار أسلوب جديد للرد، فذكاؤك في انتقاء أسلوب الرد وتوقع نتائجه سيساعدك في الوصول، ردودك الذكية هي مفتاح نجاحك.[٥]
  • توقف للحظة وامتلك القرار: كن إيجابياً فلا أحد يمتلك القدرة على التأثير عليك إن لم تسمح أنت في ذلك، لا تتعجل في الرد، توقف للحظة، وراقب كل ما يدور حولك، ستجد أن كل الخيارات متاحة أمامك، عليك فقط أن تعرف ماذا تريد، فكلما كان الشخص أكثر وعيًا، فإنه سيكون أكثر اتصالًا بقِيَمِهِ وأقدر على تقييم الموقف وتحديد الردّ الأنسب.[١]


أنواع الردود

عندما تكون واعيًا ستكون ردودك أكثر ذكاءً، وستصبح أكثر سيطرةً على المواقف واحترافًا في ممارسةِ فنِّ الرَّد، يمكنك اختيار أسلوب الرد الأنسب بناءً على حجم الموقف وعلاقتك بالطّرف الآخر، وفي الآتي توضيح لبعض أنواع الردود وكيفية الرد المناسب بحسب الموقف:


الرد المُسكت

يستخدم هذا الأسلوب عندما تتعرض للاستفزاز من قبل الأشخاص كثيري النقد أو الغرباء، فإذا شعرت في موقف ما أن أحدًا حاول اختراق مساحتك الخاصة، وأردت أن توقفه عند حده، إليك بعض النصائح التي يمكنك اتباعها:[٦]

  • كن هادئًا، القاعدة الأولى في التعامل مع من يزعجك هي الحفاظ على هدوئك الداخلي، خذ نفسًا عميقًا واسترجع توازنك.
  • أخرج نفسك من دائرة التأثير، عد خطوة إلى الخلف وتأمل بارتقاء ووعي، حرّر نفسك من تأثير الأفكار والمشاعر.
  • استذكر قيمك، وعبِّر عنها بعبارات واضحة، حازمة ومهذبة، ولا تكثر من الكلام.
  • تحدث بثقة ووظّف لغة جسدك، إذ إن رسائل الجسد قد تصل إلى الآخرين أسرع من الكلام.

 

الرد الدبلوماسي

يستخدم هذا الأسلوب للرد على الأشخاص الذين نحرص على عدم خسارتهم، كالأهل أو الأصدقاء أو من تربطنا بهم علاقة عمل ومصالح مشتركة، ويحتاج هذا النوع من الردود أن يكون الفرد ذكيًّا مهذَّبًا، وأن يمتلك مهارةً في الحديث وقدرةً على كسب الآخرين، إضافة إلى حب الناس وإدارة المشكلات والأزمات، ولديه مهارة فن الاعتراض، وإذا احتجت أن تستخدم هذا الأسلوب إليك بعض النصائح:[٧]

  • استمع وانتبه لما يقال وكيف يقال حتى تتمكن من فهم الطرف الآخر فتحسن الرد.
  • تقبل النقد وحوّله إلى طاقة للتغيير.
  • لا تجادل، فالجدال من الأخطاء التي تثير الأطراف، وتزيد من الأخطاء.
  • كن ودودًا وأظهر تعاطفك.
  • كن واضحًا في ردك واجعله يتسم باللباقة والأدب.


الرد الساخر

هو شكل من أشكال الردود الدبلوماسية، ولكنه يستخدم عادة لإيصال رسالة ما بطريقة معاكسة، أو عند التعامل مع الأشخاص الساخرين، كأن ترد على شخص متذمر بالقول "أنت شخص متفائل"، وإليك بعض النصائح لاستخدام هذا الأسلوب:[٨][٩]

  • استخدم نبرة الصوت المناسبة، واحرص على أن لا ترفع صوتك.
  • أحسن انتقاء الكلمات بذكاء.
  • كن سريع البديهة.
  • تذكر أن لا تجرح أو تهين أحداً.

 

الرد الودود

هو الرّد الصّادق اللّطيف، يستخدم مع الأشخاص الأقرب إلينا، فمثلًا عندما يحدثنا أحد المقربين بمشكلته، علينا اختيار الرد الودود الذي يقدم النصيحة بلطف، إليك بعض النصائح عند الحاجة لهذا النوع من الردود:[١٠]

  • أحسن اختيار الكلمات.
  • احرص على فهم الآخر.
  • أظهر اهتمامك.
  • عبّر عن نفسك ببساطة وصدق.
  • كن داعمًا.
  • لا تبالغ في التعاطف.


تذكر...



أن طريقتك في الرد على الآخرين تعكس شخصيتك وقيمك، ولأن من الحكمة الحفاظ على التوازن، فإن تعلم فنون الرد على الآخرين يكسبك فرصًا أجمل للحياة، وإن كنا لا نتحكم في ظروفنا فإننا نتحكم في طريقة استجابتنا لها.




المراجع

  1. ^ أ ب "Learn to Respond, Not React", zen habits, 1/2/2021, Retrieved 1/2/2021. Edited.
  2. "5 Critical Steps To Fearless Confrontation", forbes, 1/2/2021, Retrieved 1/2/2021. Edited.
  3. إد هاليويل، الوعي الكلي، صفحة 23. بتصرّف.
  4. إد هاليويل، الوعي الكلي، صفحة 35. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "A Blueprint for Transforming Communication: Reacting vs. Responding", The Kaliedoscope group, 1/2/2021, Retrieved 1/2/2021. Edited.
  6. "5 Critical Steps To Fearless Confrontation", 5 Critical Steps To Fearless Confrontation, 1/2/2021, Retrieved 1/2/2021. Edited.
  7. "Tact and Diplomacy", skills you need, 1/2/2021, Retrieved 1/2/2021. Edited.
  8. "How to Respond to Sarcasm", wiki how to do anything, 1/2/2021, Retrieved 1/2/2021. Edited.
  9. "How to Deal with Mean Sarcasm", quick and dirty tips, 1/2/2021, Retrieved 1/2/2021. Edited.
  10. "31 Empathetic Statements for When You Don’t Know What to Say", The journal blog, 1/2/2021, Retrieved 1/2/2021. Edited.