القيادةُ هي عمليةٌ يؤثر بها الشخص على مجموعةٍ من الأفرادِ، ويوجههم لإنجاز الغاياتِ والأهداف المنشودة، فهي القدرة على إلهام الآخرين، وإيجاد رؤية واضحة، ووضع الأهداف والسعي لتحقيقها من خلال متابعة الأفراد وتنسيق جهودهم، فأية محاولةٍ للتأثير على سلوكِ فردٍ أو مجموعةٍ من الأفرادِ، سواء كان ذلك في منظمات إدارية، اقتصادية، سياسية، تعليمية، أو حتى على مستوى العائلة، تُُعدُ نشاطًا قياديًا، وفي هذا المقال سنسلط الضوء على أنماط القيادة المختلفة، وما المقصود بها، وإيجابيات وسلبيات كل نمطٍ منها.


ما هي أنماط القيادة؟

تتنوع أنماط القيادة، ولا يمكننا تصنيفها إلى جيدة أو سيئة، لأن لكل نمطٍ سيئاته وإيجابياته، ويعتمد اختيار النمط على شخصية القائد وقدراته، والسمات الشخصية للأشخاص الذين يقودهم، وطبيعة عمل المكان أيضاً، والقائد الناجح هو الذي يستطيع بكل مرونةٍ أن يغيرَ نمطَ القيادةِ تبعًا لتغير الظروف ولطبيعة الأهداف المُراد تحقيقها، وهو الذي يدرك أنَّ النمط الأمثل لموقف أو بيئة عمل، ليس بالضرورة أن يكونَ الأمثلَ أيضًا لكل المواقفِ وكل بيئات العمل، لذلك سوف نعرض خمسة أنماطٍ للقيادة، ونتحدث عن كل نمط بصورة مفصّلة:[١][٢][٣]


القيادة الأوتوقراطية

وتُسمى أيضًا "الاستبدادية"، وهي نمط القيادة الذي يسيطر فيه القائد على كل القرارات دون مشاركةِ أحد، فالقائد يمتلك السيطرة المُطلقة، ولا يشارك أعضاء الفريق بأية قراراتٍ، كل ما عليهم هو الامتثال للأوامرِ وتنفيذها، إذ يقوم القائد باتخاذ القرارات بناءً على أفكاره وأحكامه، وتحديد أدوار المرؤوسين، وتوزيع المسؤوليات.

  • إيجابياتها: توفير الوقت، لأنَّ ذلك يعتمدُ على قرار فردٍ واحدٍ، ولا يحتاج إلى استغراق الوقت في مشاورة الآخرين للتوصل إلى القرار المناسب، وبذلك يعد هذا النمط من القيادة الخيارَ الأمثلَ في الحالات التي تحتاج إلى اتخاذ قرارات سريعة، ومن مزاياها أيضًا تقليل نسبة الأخطاء؛ لأن كلَّ فردٍ بالفريق يعرف المطلوب منه بالضبط وطريقة تنفيذه أيضًا، ويُعد هذا النمطُ مثاليًا في الأماكن التي يؤدي فيها الخطأ إلى عواقبَ وخيمةٍ، ويؤثر على السلامة والأمن، كالجيشِ مثلًا، وفي حال كان أعضاءُ الفريق تنقصهم الخبرة والمهارة.
  • سلبياتها: لا يفسح هذا النط المجال للإبداعِ، لأنه يسير وفق قواعد محددة، ولا يُسمح للأعضاء بإبداء رأيهم، مما قد يؤدي إلى شعورهم بالاستياء، وتقليل الحافز لديهم، ويَحُد من تفكيرهم خارج الصندوق.


القيادة الديمقراطية

وتُسمى أيضًا "التشاركية"، وهي نمط القيادة التي يُسمح فيها لجميع أعضاء الفريق بالمشاركة بمناقشة الأفكار، وصنع القرارات، وحل المشكلات، مع احتفاظ القائد بحق اتخاذ القرار النهائي.

  • إيجابياتها: عند شعور أعضاء الفريق بأن رأيهم مسموع، وقادرون على التعبير عن رأيهم بحرية وشفافية، فهذا وبلا شك سيرفع من الروح المعنوية لديهم، ويحفزهم ويرفع من مستوى أدائهم، إضافة إلى أنّ هذا النمط يعزز من قيمة العمل الجماعي، ويسهم في إنشاء بيئة إبداعيّة تتنوع فيها الأفكار، وتشجع على الابتكار.
  • سلبياتها: البطء في اتخاذ القرارات، لأنَّ عملية صُنع القرارِ تعتمد على التشاورِ بين مجموعةٍ من الأفرادِ، وهذا يشكل عائقًا في الأزمات والظروف التي تحتاج إلى قرارٍ سريعٍ، ويُعتبر هذا النمط أيضًا غير مناسب في حال كان أعضاءُ الفريق تنقصهم الخبرة والمهارات.


قيادة عدم التدخل

وتُسمى أيضًا "القيادة القائمة على التفويض"، وهي عكس النمط الأتوقراطي تمامًا، بحيث يفوض القائد إلى أعضاء الفريق جميع المسؤوليات، ويترك لهم الخيار وحرية التصرف واتخاذ القرارات، حيث يُغيّب دور القائد، ولا يشارك مباشرةً في صنع القرار.

  • إيجابياتها: يُعد هذا النمط فعّالًا مع الأشخاصِ المحترفين والمؤهلين، والجديرين بالثقة والذين لا يحتاجون إلى التوجيه، لأن الحافز والدافع نابع من داخلهم، وفي حال كان لديهم من الخبرة والمعرفة أكثر من القائدِ نفسهِ، فهؤلاء الأشخاص يمكن الاعتماد عليهم وضمان أنهم سيحققون الأهداف المنشودة.
  • سلبياتها: من أهم سلبيات هذا النمط هو الثمن الباهظ الذي سوف تدفعه المُنظمة في حال لم يتم اكتشاف مواطن الخلل من البداية؛ مما يؤدي إلى تفاقمها، وبالتالي حدوث نتائجَ كارثيةٍ، إذ إنّ غياب التوجيه قد يؤدي إلى التقاعس عن العمل، وأيضًا عدم التواصل مع الموظفين قد يؤدي إلى خلق جو من التوتر والإرباك.


القيادة التحويلية

هو النمط الذي يعتمد على مبدأ "إذا أردت أن تحقق شيئاً جديدًا، عليك التوقف عن فعل الشيء القديم"، حيث يرتكز على تطوير الطرق والإجراءات المُتبعة حاليًا إلى طرق أفضل تتصف بالابتكار، والقائد التحويلي هو المُلهم والقدوة لأتباعه، والمشجّع والمحفز لهم باستمرار، يسعى إلى تعزيز قيمهم الشخصية، وتعميق شغفهم وإيمانهم والتزامهم برؤية المُنظمة لتحقيق أهدافها، ويحرص على تطويرهم، ويحثهم على أن يكون اهتمامهم الأساسيّ متعلقاً بمصلحة المُنظمة التي ينتمون إليها، وعليه فيمكن القول إن هذا النمط يعتمد على مبدأ التشارك والتعاون بين القائد وأتباعه.

  • إيجابياتها: التركيز على غرس شعور الثقة والولاء بنفوس أعضاء الفريق، وبناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل، والابتعاد عن النمط القسري، وحثهم على الإبداع، مما يرفع من مستوى الشركة، ويزيد من نسبة الإنتاج.
  • سلبياتها: بما أن هذا النمط يعتمد على السعي الدائم لإيجاد أفضل الطرق في أداء المهام، فهذا قد يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار والإرباك بين الموظفين.


القيادة التبادلية

هي النمط الذي يعتمد على مبدأ "إذا كانت الأمور تسير على ما يُرام، فلا تحاول تغييرها"، ويهدف إلى تحقيق الاستقرار للمُنظمة، ويعتمد على العمل ضمن إطار من نتائجَ محددةٍ وأهداف واضحة، والقائد التبادلي لديه حدوداً تنظيمية صارمة، يعتمد على تقييم أداء الأفراد باستمرار، واعتماد مبدأ العقوبات والحوافز والمكافآت لما لها من أثر إيجابي لتشجيع الموظفين على بذل مجهود أكبر لإنهاء العمل بكفاءة عاليةٍ، ويعتمد هذا النمط من القيادة على مدى قدرة القائد على التحفيز.

  • إيجابياتها: يُعد هذا النمط مناسبًا عند التعامل مع مواردَ محدودةٍ، ومواعيد تسليم محددة، بحيث يزداد الحافز والإنتاج لدى الموظفين، ويقل الإرباك في بيئة العمل.
  • سلبياتها: لا تصلح للمواقف التي تحتاج إلى إحداث تغيير، بل تتناسب مع الأعمال الروتينية، كما تَحُدّ من الإبداع والابتكار.


المراجع

  1. Lindsay Kramer (9/7/2020), "5 Different Types of Leadership Styles", Chron, Retrieved 31/1/2021. Edited.
  2. "Types of Leadership Styles: Is One Better Than Others?", MARYVILLEUNIVERSITY, Retrieved 31/1/2021. Edited.
  3. "9 Leadership Styles With Their Characteristics, Pros & Cons", VANTAGECIRCLE, 28/1/2021, Retrieved 31/1/2021. Edited.