المعلم هو أساس العمليّة التعليميّة والتربويّة، فمهما كانت المباني المدرسيّة مجهزة بأحدث المعدات، ومهما كانت المناهج المقررة، فإن لم يقمْ المعلم بأداء رسالته على أكمل وجه، فلن يَخرج جيل قوي يتسلح بالعلم والأخلاق الحميدة، لذلك لا بدَّ أن يتحلى المعلم بمجموعة من المهارات المهنيّة والمهارات الشخصية، والتي تكمل إحداها الأخرى، وتتمثل المهارات المهنية بكيفية ممارسة المعلم لمهنة التدريس، كإدارة الصف، والتخطيط للدروس، والتنويع باستيراتيجيات التدريس، أما المهارات الشخصيّة فهي السمات الشخصيّة للمعلم وطبيعته التي تميزه عن غيره، وسنسلط الضوء في هذا المقال على أهمّ هذه المهارات.


امتلاك مهارات الاتصال

من أكثر ما يميز المعلمين المثاليين هو التواصل الفعّال مع طلابهم، فبعد قيام المعلم بالتحضير للدرس المطلوب شرحه، تأتي المرحلة الثانية وهي إيصال هذه المادة إلى طلابه، وذلك عن طريق اختيار نمط التواصل المناسب اعتمادًا على السمات الشخصيّة للطلاب، ومن الجدير بالذكر أنَّ عمليّة التواصل تعتمد على إرسال الرسائل واستقبالها، لذلك فالمعلم الناجح لا يكتفي بإثارة دافعيّة الطلاب لجعلهم مستعدين لاستقبال المعلومات والمهارات، بل يفسح المجال أمامهم للتعبير عن مشاعرهم وآرائهم، ويشجعهم على الحوار، ويجيب عن أيّ استفسار يخطر ببالهم، ويسعى إلى فهم احتياجاتهم، فضلًا عن هذا كله، يتمثل دور المعلم ببث روح الأخوة والتعاون بين طلابه، ويسعى إلى حل مشاكلهم داخل الغرفة الصفيّة وخارجها، فيقدم الدعم والمساندة لجميع طلابه بلا استثناء.[١]


ولا بد من الإشارة إلى أنَّ عملية التواصل لا تقتصر على تواصل المعلم مع تلاميذه، بل تمتد إلى الكادر التعليمي كافة، إذ يقضي المعلمون وقتًا طويلًا بالتواصل مع بعضهم البعض، ومع غيرهم من أفراد الكادر الإداري، لذا يجب أنْ تكونَ العلاقة مبنية على الاحترام المتبادل، وتبادل الخبرات، وتَقبل النقد البناء، هذا ويدرك المعلم الناجح أهمية التواصل مع أولياء الأمور، وذلك من خلال توضيح تعليمات المدرسة وتوجيه بعض النصائح لجميع أولياء الأمور، والتواصل أيضاً مع أولياء أمور الطلاب الذين يعانون من ضعف في الأداء، أو من بعض المشكلات السلوكيّة، للوصول إلى خطة علاجيّة مشتركة في المدرسة والبيت.[١]


الصبر والقدرة على التحمل

يقضي المعلم معظم وقته واقفًا أثناء الشرح في الغرفة الصفيّة، وفي متابعة الطلاب خارجها أيضًا، مما يسبب له إرهاقًا جسديًّا قد لا يستطيع البعض تحمله، فضلًا عن الإرهاق الذهنيّ الذي ينتج عن التعامل مع مجموعة عقليات متفاوتة في الإدراك والاستجابة، فقد يقضي المعلم ساعة متواصلة بشرح فكرة ما ثم يتفاجأ بأنَّ بعض الطلاب لم تصل لهم الفكرة بعد، وهنا فالمعلم الناجح لا يبدي انزعاجه من عدم فهمهم ولا يتذمر من إعادة الشرح.


هذا ويشار إلى أنَّ المعلم يتعامل مع مجموعة من الطلاب الذي يتميزون بعادات وطباع مختلفة، ويتمثل دوره هنا بتعزيز الجيد منها، وتقويم السيئ، وهذا ليس بالأمر السهل، إذ ليس من المستغرب أنْ يتبادلَ الطلاب الشتائم بين بعضهم البعض، فضلًا عن الكثير من السلوكيات الخاطئة التي تصدر من الطلاب في مختلف المراحل، مما يتطلب من المعلم الكثير من الصبر، وضبط الأعصاب، واحتواء الغضب والسيطرة عليه والعمل على تقويم السلوك بطريقة تربوية صحيحة.[١]


مواكبة التطور والقدرة على التكيف معه

المعلم الفعّال هو الذي يمتلك القدرة على العمل في بيئة دائمة التطور، بحيث يحرص على التنويع بالطرق المُتبعة بالتدريس بناءً على المصادر المتوفرة، والفئة العمريّة للطلاب، وطبيعة المنهاج الدراسي، فالطريقة التقليدية بالتعليم لم تعدْ وحدها كافيّة في ظل التطور التكنولوجي، إذ أصبح استخدام شبكة الإنترنت، وغيرها من التقنيات الحديثة جزءًا أساسيًّا في حياتنا على مختلف الأصعدة بما فيها قطاع التعليم، والتغيير أمر ثابت في حياتنا، وعليه فإن مهارة التكيف من المهارات الضروريّة التي يمتلكها المعلم الناجح، وذلك من خلال معرفة ميول وتوجهات جمهوره ألا وهم طلبته، والاطلاع على الأبحاث الجديدة المتعلقة بطرق وأساليب التعليم التي أُثبت فعاليتها برفع مستوى أداء الطلبة.[٢]


إظهار التعاطف

وحده المعلم المثالي هو الذي يبحث وراء سلوكيات طلبته، إذ يدرك أنَّ دوره لا يقتصر على العمليّة التعليميّة، فهو مسؤول أيضًا عن إدارة السلوك، من خلال إظهار التعاطف، الذي يدفعه إلى التفكير فيما لا يراه، وليس فقط فيما يحدث أمامه، فكل طالب له ظروفه وحياته الخاصة وصراعاته الداخلية، والتي ينعكس أثرها على تصرفاته، والتعاطف هو أداة قويّة تساعد المعلم على مراعاة مشاعر طلابه وفهم البيئة والظروف المحيطة بكل واحد منهم، مما يدفعه إلى إيجاد استيراتيجيات للمساعدة تبعًا لطبيعة المشكلة، فيضع نفسه مكان تلميذه ليتفهم مشاعره قبل أنْ تصدرَ منه أي كلمة أو تصرف من شأنها أن تؤذي مشاعره وتترك فيه أثرًا من الصعب التخلص منه، بالإضافة إلى ذلك فهو يقدر الفروقات الفردية بين الطلبة من ناحية القدرات العقلية وطريقة التفكير والطريقة الأنسب للتعلم.[٣]


ومن هنا نقول إنّ التعاطف هو بمثابة رسالة يوجهها المعلم لتلميذه ليخبره فيها بأنَّه يتفهم ما يشعر به، وأنَّه ليس وحده، بل هو بجانبه لتقديم الدعم والمساعدة، وأنَّه مؤمن بقدرته على النجاح، مما يجعل الطالب يشعر بالأمان والثقة، ويؤثر بشكل كبير على مستوى أدائه وتحصيله الدراسي.[٣]


الحماس

أفضل المعلمين هم أكثرهم حماسًا وشغفًا، يحبون مهنتهم، ويستمتعون بالمادة التي يدرّسونها، ويظهر شغفهم أيضًا بطريقة تفاعلهم مع طلابهم وتحفيزهم لهم، وبما أنَّ المعلم قدوة لتلميذه، سينعكس حماسه عليهم، فيُقبلون على التعلم بكل نشاط وحيوية، فأغلب الطلاب الذين لا يحبون المدرسة، ويشعرون أنَّ عمليّة التعلم مملة، قد يكون أحد الأسباب إلى أنّ معلميهم يرون عملية التعليم مملة، فينقلون العدوى لطلابهم، فيفقد الطلاب الحافز والإلهام الذي من شأنه أنْ يشحذَ طاقاتهم.[٤]


التنظيم

يقع على عاتق المعلم الكثير من المسؤوليات والمهام والتي يجب أنْ يعملَ على تنظيمها، فدوره لا يقتصر على الوقت الذي يقضيه داخل الغرفة الصفيّة، بل يتطلب الأمر التحضير المُسبق للدرس، والتجهيز للأنشطة المنهجيّة واللامنهجيّة، بالإضافة إلى تصحيح الاختبارات ورصد العلامات، وغيرها من المهام المختلفة، وعليه إن لم يمتلكْ المعلم مهارات تنظيميّة، فلن يتمكنَ من متابعة مهامه وإنجاز واجباته في وقتها المناسب.[٤]


الإبداع

ويُقصد بالإبداع التعامل مع الأمور المألوفة بطرق غير مألوفة، ويقصد به أيضًا دمج الأفكار والطرق التقليدية والاعتيادية مع مجموعة من الأفكار والطرق الحديثة، والمعلم المبدع هو الذي يكيف أساليب التعليم وفقًا للموقف التعليمي ويدفع طلبته نحو تحصيل المعرفة من خلال البحث والتقصي، ويبتعد عن الجمود ويخلق جوًا من النشاط، ويطرد الروتين والملل، ويحافظ على تفاعل الطلبة معه، وجذب انتباههم وتركيزهم، ولا سيما في المراحل التعليمية الأُولى، وكما يهدف الإبداع إلى إفساح المجال أمام الطلاب لإظهار إمكاناتهم الفردية ونقاط القوة لديهم.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب ت Shelley Frost (25/7/2018), "What Are Some of the Personal Skills of a Teacher?", chron, Retrieved 31/3/2021. Edited.
  2. Emily Dennison (8/2/2019), "10 Qualities of a Good Teacher", snhu, Retrieved 31/3/2021. Edited.
  3. ^ أ ب Amanda Morin, "Teaching With Empathy: Why It’s Important", understood, Retrieved 31/3/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت Joanna Zambas (7/10/2020), "25 Essential Skills and Qualities Every Teacher Needs", careeraddict, Retrieved 1/4/2021. Edited.