التظاهر بالسعادة

يؤدي إخفاء المشاعر السلبية وعدم التعامل معها إلى التوتر والقلق والاكتئاب، إذ أظهرت الأبحاث أننا كبشر لسنا بارعين في إخفاء ما نشعر به؛ لأننا نظهر تعبيرات دقيقة يسجلها دماغنا ويفهمها، حتى لو لم نكن واعين بها، مثلًا لن يفيد تظاهرنا بالسعادة خوفًا من أن نسبب الحزن أو الإزعاج للمقربين منا، لأن هذا التظاهر سيزيد من مستويات التوتر لدى كلا الشخصين، ولكن هناك أنشطة إذا تظاهرنا بها بطريقة صحيحة، قد تؤدي إلى زيادة شعورنا بالسعادة، منها:[١][٢]


التظاهر بالابتسام

وجدت بعض الدراسات مثل دراسة من جامعة جنوب أستراليا أن التظاهر بالابتسام يساعد الدماغ الوصول إلى الحالة الإيجابية عاطفيًا، إذ طلب الباحثون من المشاركين تكرار الابتسامة، وعلى الرغم من أن ابتسامات المشاركين كانت مزيفة، إلا أن أدمغتهم لم تميز الفرق، وأفاد الباحثون بأننا عندما نتدرب على الابتسام، نحفز اللوزة في الدماغ، وهي المنطقة التي تطلق الناقلات العصبية لتشجيع الحالة الإيجابية عاطفيًا، وتعتبر أيضًا المركز العاطفي للدماغ، وتلعب دورًا أساسيًا في معالجة الاستجابات المتعلقة بالخوف والعدوان والقلق، كما أنها تساهم في صنع القرار وفي الذاكرة، ووصل الباحث الرئيس مارموليجوراموس أن المشاعر الإيجابية لا تتعلق فقط بالسعادة الشخصية، ولكنها مرتبطة أيضًا بالإدراك.[٣][١]


ولكن على الجانب الآخر يجب عدم استخدام الابتسامة للتظاهر بأن كل شيء على ما يرام، وأنك قوي، لا تحتاج إلى مساعدة أحد، لأن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم مشاكلك وحدوث مشاكل أخرى، لأنك من البداية لم تتعامل مع مشاعرك السلبية، وقمعتها متظاهرًا بأن كل شيء على ما يرام، مثلًا إذا كنت دائمًا مبتسمًا في وجه المقربين منك، أو الذين يمكنهم تقديم الدعم لك، متظاهرًا بأنك بخير، فهذا شيء خاطئ، لأنه قد يمنعك من الحصول على الدعم الاجتماعي الذي قد يجعلك تشعر بتحسن.[١]




يجب عدم التظاهر بالابتسامة لإخفاء القلق أو التظاهر بعدم وجود أعراض الاكتئاب، فهذه أمراض تحتاج إلى مختصين لعلاجها.




التوكيدات الإيجابية

تعني التوكيدات أو التأكيدات الإيجابية تكرار قول عبارات إيجابية حول ذاتك لإعادة برمجة عقلك الباطن واستبدال المعتقدات السلبية بمعتقدات أكثر إيجابية عن نفسك، وتُتبع هذه الطريقة بكثرة للتظاهر بالسعادة والحصول على المشاعر الإيجابية، فانتشرت كثيرًا في كتب التنمية البشرية، ولكن أشارت عدة أبحاث علمية نفسية على أن هذه التوكيدات سلاح ذو حدين، وأنه يجب استخدامها بطريقة معينة لتأتي بنتائج إيجابية، وإلّا ستكون غير فعالة أو مدمرة لبعض الأفراد.[٤]


وأفادت التجارب والأبحاث، أنه عند قيام الفرد بتكرار تأكيدات لا يؤمن بها حقًا، أو أنها تتعارض مع ما يؤمن به، فإن عقله الباطن سيرفض هذه التأكيدات، ويصبح أكثر مقاومة لها وأكثر تشددًا أيضًا، وبهذه الطريقة، تضر التأكيدات الفرد أكثر مما تنفعه، لأنها كانت على عكس ما يفكر أو يؤمن به، أو ما يعتقده هو من داخله أنه صحيح، وهذا العامل مهم جدًا؛ لأن التأكيدات التي لا تتوافق مع المعتقدات الحقيقية للفرد يمكن أن يكون لها تأثير سلبي قوي.[٤]


ومن الأمثلة على التأكيدات التي قد تأتي بنتائج سلبية على الفرد، تأكيدات قد تقولها سيدة لنفسها وهي تعاني من عدم إعجابها، أو حتى تقبلها لمظهرها الخارجي، مثل أن تقول: "أنا أجمل امرأة في العالم"، ولأن هذه العبارة على النقيض؛ مما تؤمن هي بنفسها أو حتى بكيفية رؤيتها لنفسها ومظهرها، فإن عقلها الباطن سيخوض معركة لمقاومة هذه التأكيدات، وسيصيبها بالتوتر دون إحداث تغيير إيجابي، والخيار الأفضل في هذه الحالة هو تكرار التأكيدات الواقيعة التي تتماشى نوعًا ما مع معتقداتها نفسها، مثل أن تقول "أنا جميلة بما فيه الكفاية، أو أنا جميلة من الداخل والخارج"، وإذا كانت هذه المرأة تحاول فعل نشاطات أو إجراءات تحسين نظرتها لمظهرها باتباع نظام غذائي أكثر صحة وتمارين رياضية متوازنة، قد تؤكد على عبارتها السابقة بإضافة عبارات وتأكيدات جديدة، مثل: "إنني أسعى في كل يوم لأن أصبح أجمل وأكثر صحة ورشاقة، وأنني أزداد جمالًا يومًا بعد يوم".[٤]


ومن الأمثلة على غير الواقعية أو غير الجيدة، مثل أن تخبر نفسك يوميًا، وأنت تعاني من القلق أو التفكير المفرط "أنا في أعيش في سلام داخلي كبير" وهذا خطأ؛ لأنك تجبر عقلك على مقاومة هذه الفكرة؛ لأنها لا تتماشى مع أفكارك ومعتقداتك عن نفسك، لذلك يجب أن تقول بدلًا من ذلك "أنا أسعى جاهدًا من أجل الشعور بالسلام"، أو أن تقول لنفسك وأنت في مواجهة لموقف صعب أو مؤلم: "أنا قوي ولا شيء يؤلمني"، وهنا عرضت عقلك الباطن لأزمة؛ لأنك أصلًا في خضم مواجهة موقف مؤلم وصعب، لذلك بدلًا من ذلك قل: "أصبحت أقوى وأستطيع التغلب على هذا التحدي، أو سأتغلب على هذه العقبات"، إذ إن هذه الاختلافات الطفيفة في التوكيدات مهمة جدًا لعقلك الباطن؛ لأنها واقعية ومتوافقة مع معتقداته.[٤]


التظاهر بكونك شخصية منفتحة

أظهرت الأبحاث أن الشخصيات المنفتحة أكثر سعادة وإنتاجية من الشخصيات الانطوائية، إذ إن للانفتاحة علاقة وطيدة بالسعادة، ففي إحدى الدراسات، طلب الباحثون من الانطوائيين والمنفتحين على حد سواء أن يتصرفوا بانفتاحية، ووجدوا أن مستويات السعادة قد زادت لديهما معًا، ولكن هذا لا يعني أنه يجب عليك كإنطوائي أن تغير طبيعتك بالكامل لتشعر بالسعادة، لأن الإنطائي بطبيعة الحال يحتاج إلى قضاء وقت بمفرده (وقت الراحة) بعد التفاعلات الاجتماعية، وإذا لم يقضِ هذا الوقت سيرهق نفسه، لذلك يُنصح الانطائيين بالتفاعل والانفتاح في بعض المواقف الاجتماعية، لأنها ستعزز مستويات السعادة، وتقلل مستويات التوتر لديه، وستوسع دائرته الاجتماعية بعض الشيء.[٤]


وبالرغم من الأبحاث والتجارب التي تدعم هذه الفكرة، قد يرفض بعض الانطوائيين التظاهر بالانفتاحية؛ لأنه فعل يقع خارج حدود راحتهم، أو لأنه شيء غير واقعي بالنسبة لهم، ولكن وجدت دراسة أخرى، طلبت من الانطوائيين أن يتنبأوا بمدى شعورهم بالسعادة من خلال التظاهر بالانفتاحية، وقد استخف عدد كبير من المشاركين الانطوائيين بمدى شعورهم بالسعادة والرضا، إذ إنهم أفادوا بأنهم شعروا بزيادة مستوى السعادة لديهم بعد التصرف بانفتاحية.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب ت happiness doesn't count,can actually make us feel. "Fake It Till You Make It", berkeley, Retrieved 21/9/2022. Edited.
  2. "Should you pretend to be happy?", psychology today, Retrieved 22/9/2022. Edited.
  3. "Forcing a Smile May Improve Your Mood, Study Suggests", verywellmind, Retrieved 22/9/2022. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح "When Faking Positivity Reduces Stress and When It Backfires", verywellmind, Retrieved 22/9/2022. Edited.